فينيتسا: ثلاثة عوامل لجريمة الحرب

14/7/2022

شنت اليوم القوات الروسية هجومًا صاروخيًا على فينيتسا.

تم إطلاق 7 صواريخ كروز من نوع “كاليبر” في أنحاء المنطقة، تم اعتراض 4 منها بواسطة الدفاع الجوي. أصابت البقية أهدافًا مدنية، في وسط المدينة، مما أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين.

الآن هناك الكثير من الحديث عن هذه الضربة، من كلا الجانبين، الروس ينشرون الأكاذيب ويتلاعبون بالمعلومات، بقصد تبرير جريمتهم، ومن الجانب الأوكراني، يسمى هذا الاستهداف بالعمل الإرهابي المتعمد ضد السكان المدنيين.

في الحقيقة، الوضع مختلف نوعا ما وهذه المادة، مهما كانت صعبة، لكنها تحليل رصين لما حدث.

بادئ ذي بدء، أود أن أشير إلى أن الضربة على المدينة تم تنفيذها اليوم من خلال صواريخ كاليبر الباهظة الثمن، التي لا تقل قيمة الواحد منها عن 7 ملايين دولار، والتي لا تستطيع روسيا الآن إنتاجها بكميات كبيرة. هذه الصواريخ قليلة لدى الجيش الروسي، وعمليًا فإن أسطول البحر الأسود يمتلك الآن على كمية غير كاملة من هذه الصواريخ.

تقوم القوات الروسية بقص خاركوف ونيكولاييف وسلافيانسك وكراماتورسك وباخموت ومدن وقرى أخرى بالقرب من خط المواجهة يوميًا بالمدافع والمدفعية الصاروخية، مما يبث الرعب والفوضى بتكلفة أقل نسبيًا. لماذا تهدر روسيا ذخيرة نادرة ولا يمكن تعويضها بقيمة 50 مليون دولار؟ لزرع الرعب والفوضى في فينيتسا فقط؟ اعتقد ان الامر يعتبر غبياً.

حتى لو أرادوا القيام بعمل إرهابي واسع النطاق في مدينة خلفية بعيدة عن خط المواجهة، فسيستخدمون صواريخ أقل تكلفة، Kh-55  أو  Kh-22، أو أحد أنواع صواريخ إسكندر.

لا، لقد تعمدوا استخدام صواريخ كاليبر التي اعتُبرت خطأً الأحدث والأكثر دقة، وذلك لضمان اختراق الدفاع الجوي وضمان إصابة بعض الأهداف المهمة جدًا.

ومن الجدير بالذكر أنه بجانب مركز الأعمال الذي تعرض للضربة الرئيسية، يوجد “نادي الضباط”. لكن حقيقة الأمر هي أن “نادي الضباط” تم تحويله منذ فترة طويلة لمتحف، ولا يستخدم للغرض المقصود منه. ومن هنا يأتي عاملان أصبحا من نتائج هذه المأساة.

الأول – استخدام صاروخ “كاليبر”، الذي لديه أقصى انحراف عن الهدف يصل إلى 5 أمتار وفقًا لمواصفاته، أصاب مركز الأعمال، الذي يقع على بعد أكثر من 50 مترًا من “نادي الضباط”، والذي ربما كان الهدف الرئيسي للغزاة. هذا يثبت مرة أخرى عيب وعدم تناسق الصواريخ الروسية الأكثر حداثة مع مواصفاتها.

والثاني – هو أنه منذ الأيام الأولى للحرب الروسية على أوكرانيا، شاهدنا كيف يضربون أهدافاً مدنية لا علاقة لها بالجيش. لكن، سابقا، في عهد الاتحاد السوفيتي، كانت هذه الاماكن قريبة، أو كانت هي نفسها في الماضي.

 على سبيل المثال، قبل 30 عامًا كانت هناك وحدة عسكرية، والآن مكانها مزرعة بها أبقار أو خنازير.

أيضًا، منذ الأيام الأولى للحرب الروسية، فوجئت القوات الأوكرانية بأنها عثرت على قدر كبير من وثائق الخدمة بين “الغنائم” من الجيش الروسي. علاوة على ذلك، استخدمت الوحدات الروسية خرائط للمنطقة تعود إلى الثمانينيات لأوكرانيا!

كل هذا يشير إلى أن القوات الروسية تستخدم البيانات القديمة لتحديد أهدافهم في أوكرانيا، وأن معلوماتهم الاستخباراتية غير موثوقة ومشوهة. هذا قد يفسر سلسلة الضربات على أهداف ليس لهاعلاقة في الوقت الحاضر مع الجيش.

 وهكذا، فإن مأساة اليوم في فينيتسا هي مزيج من تأثير الأسلحة السيئة مع المعلومات الاستخبارية السيئة والمتواضعة. وفي هذا المجمع، يرتكب الروس مرة أخرى جريمة حرب ضد السكان المدنيين، والتي لا تميزهم مطلقًا عن الإرهابيين.

 ولكن، ما هو الأسوأ، عندما علمت القيادة الروسية بما حدث في فينيتسا، لم يقتصر الأمر على تشغيل مصادر الدعاية الروسية بأكملها لتبرير جرائمهم من خلال التزوير والتلاعب، بل هاجموا أيضًا محطة الحافلات في دونيتسك من أجل اظهار نوع من “الانتقام” من قبل القوات الأوكرانية للضحايا الذين سقطو في فينيتسا. أي حاولت التستر على الدم المراق في فينيتسا بدماء جديدة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *