القاهرة مرة أخرى … الحوار الفلسطيني المرتقب

القاهرة مرة أخرى …

الحوار الفلسطيني المرتقب نهاية شهر تموز الحالي…

ماذا يحمل من جديد؟

وهل ستكون مزيد من خيبات الأمل المتكررة لشعبنا؟

أم أن هناك بارقة أمل على وقع دماء شهداء وصمود جنين وفي عموم الضفة المحتلة؟

وديع ابوهاني – اعلامي فلسطيني

14/ 7/ 2023

يتردد صدى الدعوات للحوار الوطني الفلسطيني مجددا” في القاهرة بمبادرة مصرية ودعم ومساعي جزائرية حميدة ومشكورة.

لكن هذه الدعوات مازالت تلقى الشك بمدى نجاحها وبنتائجها. على ضوء مسيرة ومآل كل اللقاءات والحوارات التي بدأت منذ عام ٢٠٠٥ في القاهرة وليس أخيرها اللقاءات التي احتضنتها الجزائر في الأشهر السابقة قبل وبعد القمة العربية الأخيرة في السعودية.

ولعل اتفاق وثيقة الوفاق الوطني التي أنجزها الاسرى في أيار من عام ٢٠٠6 والتي لم تحترم، كما لم يحترم وينفذ اتفاق الشاطئ ومكة وموسكو.

كل تلك البروفات لإنجاز المصالحة والوحدة فشلت بسبب غياب الارادة السياسية وعدم القدرة على دفع كلفة الوحدة من قبل السلطة الفلسطينية بالأساس.

ومادام الرهان قائم على ما تبقى من أوسلو فسيبقى التهرب من تطبيق كافة الاتفاقات السابقة والتي رسمت بقرارات المجلس المركزي والوطني السابقين.

وعلى رأس تلك القرارات الانسحاب من مجرى أوسلو وباريس الاقتصادي ووقف التعاون الأمني وسحب الاعتراف بإسرائيل، فان المثل الفلسطيني سينطبق على أي جولة قادمة للمصالحة والحوار الوطني الفلسطيني (حيك منديلك)..

فما الجديد لإطفاء نوع من الأمل والتفاؤل على الجولة القادمة للحوار في القاهرة نهاية تموز الحالي؟

فهل وصلت السلطة الفلسطينية وحزبها الرئيس، حركة فتح، الى نتيجة بأن الخيارات ضاقت للمناورة، وبأن إسرائيل لم تبقي شيئاً يحفظ ماء وجه السلطة مع حكومة وإجراءات يقودها نتنياهو وبن غفير، الحكومة الاسرائيلية التي أعادت الأمور لنقطة الصفر من تغول للاستيطان وارتفاع وتيرة القمع واستباحة متكررة للمسجد الاقصى وتطاول على المقدسات والتفنن السادي الدموي، من قتل وإجراءات عقابية شملت الاسرى والاطفال والنساء، ولم تسلم هيبة السلطة من عنف الاجراءات التي تطبقها الحكومة العنصرية الصهيونية.

هل وصلت السلطة الفلسطينية للجدار الأخير، مما دفعها ويدفعها للمراجعة الوطنية أم هي جولة جديدة من خض المي وهو مي كما يقول مثلنا الشعبي؟

لا أحد ولا أي إنسان وطني فلسطيني لا يتمنى تجاوز حالة الانقسام الجغرافي والسياسي في الحالة الفلسطينية السائدة والتي يمكن أن تؤدي للمصالحة والوحدة الكفاحية…

لكن الاكتفاء بالنوايا والمجاملات المعتادة فقط لا تخلق سوى المزيد من الاحباط إذا لم تكن مسلحة بإرادة سياسية ضامنة تمنع الفشل المتكرر.

فما هي العناصر الضامنة والمستجدة للرهان على مصالحة ممكنة؟

ربما الظروف الدولية المتمثلة بالدور الصيني في المنطقة وتوسع حلف البريكس وصمود إيران وكذلك التصدي الذي تبديه روسيا لمخطط الناتو الامريكي في أوكرانيا ما يؤشر الى أننا أمام تحولات دولية يجب أن نستثمرها كعرب وكفلسطينيين أولاً.

والتحولات في المواقف العربية والاقليمية تؤشر لتحسن في بيئة التضامن العربية والاقليمية مع النضال الوطني الفلسطيني رغم حالة التطبيع المستشرية من قبل بعض الأنظمة العربية.

ولعل الموقف الجزائري الداعم للوحدة الوطنية والنتائج المتوخاة من القمة العربية، التي جرت في السعودية مؤخراً، لا شك أنها ستشكل بمفاعيلها عوامل وعناصر صمود ودعم لفلسطين وخاصة الموقف الشعبي العربي الذي يعبر يومياً عن رفضه للتطبيع وتأييده للمقاومة والأعمال الفدائية التي أفشلت محاولات العدو تصفية بؤر وكتائب المقاومة كما جرى في جنين وفي مناطق أخرى في عموم الضفة من نابلس الى طول كرم والخليل والدهيشة وأريحا.

ما يؤسس ما سبق الى انتشار بيئة للمقاومة المساندة للعمل الفدائي الفلسطيني.

وهو بحد ذاته أحد الأسباب التي تركت بصماتها على مواقف السلطة التي مازالت خجولة ودون المستوى المطلوب.

الوحدة الوطنية مطلب شعبي وحاجة وطنية…

لكن يبقى السؤال، أي وحدة وطنية نريد؟

وما هو المدخل الوطني السليم لإنجاز الوحدة؟؟؟

أعتقد أنه عنوان منظمة التحرير الجامعة كبيت فلسطيني.

التي يجب استعادة وحدتها من خلال العودة للينابيع الأولى للميثاق الوطني والقومي الفلسطيني.

واستعادة الثقة بالمنظمة كاطار وطني تحرري جامع من خلال انجاز انتخابات وطنية نزيهة وديمقراطية كعنوان تحدي للاحتلال.

أي إطار وحدوي وحوار لن يصمد بدون قطع الرهان على سراب التسويات والمفاوضات المذلة مع الاحتلال.

فالوحدة الوطنية المنشودة هي التي تترجم كل الاتفاقات الوطنية المبرمة دون تلكؤ من خلال استراتيجية كفاحية شاملة ومراجعة للمسار السياسي خلال العقود السابقة التي وصلنا إليها من مدريد الى أوسلو.

فهل السلطة الفلسطينية مستعدة لهذا الاستحقاق؟؟؟

وهل هي مهيئة لدفع ثمن وكلفة ذلك؟؟؟

إن الإرهاصات الشعبية العربية والفلسطينية تعطي الأمل بإمكانية تسعير المواجهة الشاملة مع الاحتلال بانتفاضة شعبية عارمة وعصيان وطني شامل، شريطة توفر مرتكزاتها السياسية والتنظيمية والكفاحية ومن خلال اقتصاد وطني مقاوم.

إن جدية المراهنة على لقاء القاهرة القادم يوجب استعادة ثقة شعبنا بالأجهزة الأمنية وتركيبتها والقائمين عليها، وذلك باعتماد عقيدة أمنية وطنية تحررية تحمي المقاومين وتدعمهم وترفض الاعتقال السياسي.

أجهزة أمنية وطنية تقطع مع ثقافة دايتون التي باتت تهدد السلم الأهلي.

لقد دلت تجارب الحوارات السابقة أن الرئيس أبو مازن كان أول المرتدين عن هذه الاتفاقات المبرمة وطنياً استجابة للضغوط الأمريكية والاسرائيلية والرجعية العربية.

ولعل غياب سيادته عن الكثير من جولات الحوار أطفت عدم الجدية من قبل قيادة السلطة الفلسطينية وادارت الظهر للقرارات الوطنية المتخذة بسبب غياب الارادة الوطنية الجادة للسير بطريق الوحدة.

اليوم السلطة أمام مفترق طرق وامتحان وطني.

والاجابة يجب أن تكون واضحة وصريحة إن كانت هي مع مقاومة شعبها أم لا.

هل هي مع بقاء رهاناتها وتحالفاتها، أم هي أمام استدارة نحو الشرق بالتحالفات بعد أن رهنت كل أوراقها للموقف الأمريكي والاسرائيلي طيلة العقود الثلاثة السابقة.

المقاومون يسجلون يومياً أروع صور البطولة والتحدي والصمود مستندين لبيئة شعبية دافئة للمقاومة تنتشر وتمتد على مساحة الوطن.

السلطة عليها أن تحسم خياراتها قبل فوات الأوان.

وأن ترفض أي وعود وتسهيلات في بازارات التفاوض تحاول إسرائيل أن تقدمها لمنع انهيار السلطة ووظيفتها. وغير ذلك في الحقيقة كمن يهرب من الرمضاء للنار.

قد يستغرب البعض المطالبة بضرورة تقديم ضمانات وحسن نوايا من قبل الطرف الذي عرقل تنفيذ الاتفاقات السابقة.

اولها حضور أبو مازن ورعايته للحوار الوطني الشامل الذي يزمع عقده بالقاهرة بوضع الاتفاقات السابقة موضع تنفيذ قبل جولة الحوار المرتقبة لإثبات صدقية السلطة.

وتغيير ملموس في تركيبة ورأس الأجهزة الأمنية وإنهاء أي تعاون مع الاحتلال وانهاء التغول الأمني وإطلاق سراح المعتقلين على خلفية الرأي والمعتقد.

وترسيخ هيبة القانون ونزاهته واحترام الدستور الفلسطيني ومنع تغول السلطة الأمنية والتنفيذية على السلطة التشريعية والقانون الفلسطيني.

كل ذلك يعني الذهاب لمجلس وطني توحيدي جديد يضم الجميع، الذي يشكل المدخل الرئيس لبث مناخات الأمل بإمكانية نجاح أي جولة جديدة للحوار.

دون تقديم هذه الضمانات المسبقة للحوار مجدداً سنكون أمام مضيعة للوقت وإعادة تلميع للسلطة ونهجها الذي ساد طوال العقود الثلاثة السابقة والذي أوصلنا لما نحن عليه من انقسام سياسي وجغرافي وغياب لدور ومكانة المنظمة وتمثيلها وتآكل شعبيتها.

 

Залишити відповідь

Ваша e-mail адреса не оприлюднюватиметься. Обов’язкові поля позначені *