“فاغنر” تتهرب من حرب أوكرانيا المذلة وتتجهز للعودة للارتزاق في السودان

“فاغنر” تتهرب من حرب أوكرانيا المذلة وتتجهز للعودة للارتزاق في السودان
مقال مترجم من موقع سوريا اليوم باللغة الروسية 

ترجمة واعداد عبد الرحمن الشامي

محلل سياسي في مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية – متخصص في الشؤون السورية والأوكرانية

11/5/2023

في الأسبوع الماضي هناك خبرين لافتين للنظر، وكأنهما منفصلين للوهلة الاولى – الاضطرابات في السودان وافول شمس شركة “فاغنر” العسكرية الخاصة في أوكرانيا.

قال رئيس الشركة المثير للجدل يفغيني بريغوجين في مقابلة مع المدون بيغوف إن “فاغنر” ستتوقف عن الوجود قريبًا، “ستتلاشى في التاريخ”.

يحاولون تصوير هذه الأطروحة بطابع مأساوي وتاريخي وكأنها كارثة لا مفر منها.

لماذا حان الوقت لمغادرة أوكرانيا؟

يزداد وضع الروس على الجبهة الأوكرانية حول باخموت اذلالاً – فهم ليسوا قادرين على الاستيلاء على هذه المدينة الصغيرة على الرغم من المعركة المستمرة منذ أغسطس 2022، حتى بمساعدة من قوات “فاغنر” العسكرية الخاصة وأجزاء من الجيش الروسي النظامي.

يربط الروس باخموت بمعركة “فيردان” التي دمرت الجيش الروسي في الحرب العالمية الاولى، وبناءً على ذلك، الانسحاب من المسرح التاريخي في ظل مثل هذه الخسائر يبدو مريحًا للغاية.

سيلاحظ المراقبون الأكثر حذرًا أنه لن يكون من الممكن أيضًا لبريغوجين المشاركة في الحرب.

التجنيد في السجون لم يعد ممكنًا (الآن تتولى وزارة الدفاع هذا الأمر)، الأكسجين الخاص بالذخيرة أيضًا مقطوع عن “الموسيقيين” (كما يسمون أنفسهم) المحتاجين للذخيرة (عمدًا أم لا، فليس هذا المهم).

إلى التقاعد في السودان؟

في الواقع، لن يتقاعد بريغوجين.

سينسحب ببساطة إلى الظل، مستمرًا في كسب المال من مشاريعه المعتادة، مقدمًا خدمات المرتزقة في أفريقيا، استنادًا إلى عروض أسعار الديكتاتوريات المحلية مع اتباع توجيهات الطبقة الاوليغارشية المقربة من الكرملين.

إذا كان الحديث في السابق عن المؤامرات الدامية في سوريا وليبيا ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى، فإن التركيز الآن ينتقل إلى السودان، حيث كانت “فاغنر” على علاقة بالمؤامرات المتعلقة بالتنقيب عن الذهب وتصديره غير المشروع مؤخرًا.

في ظل التصاعد المتزايد للمواجهة بين الهياكل القوية الرسمية وشبه الرسمية في السودان، تصبح الأمور هناك أكثر ضبابية.

يحاول الكرملين استغلال هذا الوضع للحفاظ على بؤر التوتر التي تشتت انتباه الغرب عن الحرب في أوكرانيا وكذلك لكسب المال ببساطة (وفي هذا السياق ستقوم “فاغنر” بلعب دورها المعتاد). تتحدث عن ذلك علنًا عدد من الجهات البارزة. فعلى سبيل المثال، تعبر فرنسا عن قلقها من أن روسيا قد تستخدم عملية تفكيك السودان كما فعلت في مالي لتوسيع نفوذها في البلاد.

العمليات العسكرية في أفريقيا

تتواجد شركة “فاغنر” العسكرية الخاصة في السودان منذ عام 2017، عندما بدأت الشركة في توفير التدريب هناك، بشكل رئيسي لضباط الجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، الذي يتحكم في قوات الدعم السريع. عرضت “فاغنر” أيضًا دعم استخباراتي للجيش السوداني. مؤخرًا استلمت المجموعة إدارة بعض مناجم الذهب في السودان، حسبما ذكرت صحيفة New York Times  العام الماضي. في عام 2018، أفيد عن عدة زيارات ليفغيني بريغوجين إلى الخرطوم.

في نوفمبر من العام الماضي، نشرت كل من لوموند الفرنسية ومشروع دراسة الجريمة المنظمة والفساد تقريرًا عن التحقيق يظهر أن “فاغنر” حصلت على فرصة الحصول على الموارد الطبيعية في السودان مقابل توفير المعدات الشرطية والتدريب للجيش السوداني.

وفي غرب السودان وجد بريغوجين منصة انطلاق لعمليات المرتزقة في الدول المجاورة ومصدر محتمل لليورانيوم. فيما نقلت شبكة “سي إن إن” مؤخراً أن “فاغنر” توفر صواريخ لقوات الدعم السريع لمساعدتهم في محاربة جيش البلاد.

في مالي قدمت روسيا و “فاغنر” الدعم للعسكر في عام 2021، عندما نظموا انقلابًا وأزاحوا المصالح الفرنسية في البلاد. اضطر حوالي 4500 جندي فرنسي موجود في شمال مالي إلى المغادرة.

تعتقد باريس أن موسكو كانت وراء قرار الانقلابيين في مالي لطرد فرنسا وكذلك حملة اعلامية طويلة الأمد تهدف إلى إشعال مشاعر معادية لفرنسا بين السكان المحليين في مالي.

وفي يناير، أعلنت بوركينا فاسو عن وقف التعاون العسكري مع فرنسا.

تعتقد باريس أن موسكو كانت وراء حملة مماثلة ضد فرنسا في الدولة الأفريقية، حيث كانت تعمل بشكل أكثر سرية. وجمعت الحكومة المحلية فجأة حوالي 30 مليون دولار من مناجم الذهب لأغراض “ضرورة عامة” – هناك شكوك بأنها لاستئجار “فاغنر”.

هل سيحافظ الكرملين على المرتزقة المحترفين؟ لأي غرض؟

على الجبهة الأوكرانية، لم يعد هناك حاجة لمقاتلي “فاغنر” ذو الخبرة – فهنا يفترض أن يلبي خط التعبئة والتجنيد الحاجة إلى القوة المقاتلة. لن يعودوا يستخدموا مقاتلي “فاغنر” كمجندين لملأ الفراغ بعد الآن، فجنود التجنيد الاجباري السابقين والمتطوعين من “الرجال الأقوياء دون سن الأربعين” الذين يحاول اعلام البروباغاندا الروسية سولوفيوف وسيمونيان تجنيدهم مناسبون لهذا الغرض.

بالفعل استخدام الجنود المحترفين بشكل غير عقلاني خلال هجوم كييف – خاركوف في فبراير 2022 أدى إلى خسائر هائلة بين جهاز الضباط في الجيش الروسي وأدى إلى سلسلة من الهزائم المستمرة والانسحابات “التكتيكية”.

ستختفي من المشهد العام الشركة العسكرية الخاصة لبعض الوقت، ولكن يوجد علامات على استخدام “فاغنر” حيث يريد بوتين تنفيذ مشاريع لتعزيز النفوذ الروسي في افريقيا من جهة وتقويض الأوضاع لأبعاد انظار العالم عن حرب أوكرانيا من جهة أخرى.

ليس “لأجل مجد روسيا” ولكن لصالح الأوليغارشية الروسية ولكن على حساب السمعة الدبلوماسية الروسية!

“فاغنر” هي أداة سرية تحت يد للكرملين تقف في وجه “الشر العالمي في أرجاء الكوكب”، هذا ما يروجه معجبي روسيا الإمبراطورية”. ويعتقدون أن النظام الروسي قد لا يعمل بشكل نظيف، ولكنه على الاقل يعمل من أجل روسيا وعظمتها، لكن الواقع مختلف تماماً.

ان سمعة الدولة الروسية تتضرر بشدة بسبب أنشطة ميلشيا “فاغنر”. اذ يظهر وكأن الدولة الروسية تريد التأثير في الواقع لكنها غير شجاعة بشكل كافي كي تستخدم قواتها النظامية لمثل هذا التأثير.

تحصل “فاغنر” على أموال وامتيازات من أنظمة المناطق المحلية – لكن لا يتم إيداع أي شيء من ذلك في ميزانية روسيا. تذهب الأموال إلى أجور المرتزقة، والامتيازات لا تحصل عليها الدولة الروسية بل الشركات المرتبطة بالأوليغارشية الروسية.

مثال من سوريا: حصلت شركات روسية غير حكومية مثل “إيفروبوليس” و”كابيتال” المرتبطة بـ بريغوجين، على امتيازات للاستكشاف عن النفط على الساحل السوري واستخراج الغاز من المناطق التي استعادتها من داعش، وليس شركات روسية حكومية مثل “غازبروم”.

ومن الممكن أن يتم تطبيق مثل هذا النظام في جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث كان مقاتلو “فاغنر” يدافعون عن رئيس البلاد، وحيث اشترى بريغوجين امتيازات مربحة لاستخراج الالماس.

يقاتل المواطنون الروس، ويحصل بريغوجين، وليس الميزانية الروسية، على الأرباح، وفي الوقت نفسه تعاني الصورة الدبلوماسية لروسيا.

في الماضي، دعم الاتحاد السوفيتي الأنظمة الدكتاتورية بالمساعدة العسكرية من أجل زيادة وزنه الدبلوماسي.

أما روسيا اليوم، فتهدر هذا الوزن الدبلوماسي الذي تم تكوينه سابقاً باستخدام صورة “الجندي السوفيتي” التي لا تزال مطبوعة في ذهن الكثيرين، يتم هدر هذه الصورة للبحث عن فرص جديدة لمرتزقة “فاغنر” و “الاوليغارشية” للتربح.

في النهاية نشاهد تدهور الفكرة السوفيتية لخلق عالم ثنائي القطب وتتحول بدل من ذلك إلى فكرة كسب المال من قبل الأوليغارشية – علماً أن هذه الأموال بالمناسبة لا تبقى في روسيا بل تذهب إلى حسابات خارجية أصحابها من اغنياء روسيا.

Залишити відповідь

Ваша e-mail адреса не оприлюднюватиметься. Обов’язкові поля позначені *