المخيمات الفلسطينية الخزان البشري للثورة المعاصرة
نبيل السهلي – كاتب فلسطيني
18/5/2024
مرّ على نكبة الفلسطينيين الكبرى ستة وسبعون عاماً؛ حيث أدت المجازر الصهيونية إلى طرد 850 ألف فلسطيني من أرضهم حتى الخامس عشر من أيار /مايو من عام 1948؛ يمثلون (61) في المائة من إجمالي مجموع الشعب الفلسطيني آنذاك والبالغ مليون وأربعمائة الف فلسطيني.
وساهم اللاجئون في كافة أماكن تواجدهم في انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة وانخرطوا في العمل المقاوم بكافة الوسائل المتاحة أملا بتحرير وطنهم والعودة، ولهذا استهدفت وتستهدف المخيمات من قبل إسرائيل حتى اللحظة الراهنة.
الكفاح الوطني
ثمة أهداف خفية غير معلنة للعدوان الإسرائيلي المستمر منذ تشرين الأول / أكتوبر الماضي على قطاع غزة والضفة الغربية وارتكاب المجازر التي ذهب ضحيتها عشرات الآلاف الشهداء والجرحى والأسرى.
في المقدمة منها ترحيل الفلسطينيين من وطنهم بمن فيهم فلسطينيو الداخل، وهذا هدف استراتيجي للدولة العصابة إسرائيل منذ أنشأها الغرب في 15 أيار/مايو 1948، هذا جنباً الى جنب مع تدمير ممنهج لمخيمات اللاجئين في قطاع غزة والضفة الغربية بغرض طمس وتغييب أهم شاهد على نكبة 48 من جهة، فضلاً عن كون المخيمات الخزان البشري وبؤرة الثورة الفلسطينية المعاصرة والمشاركة الواسعة خلال الانتفاضات والهبات الفلسطينية.
وقد شارك اللاجئون الفلسطينيون، سواء في مناطق عمليات الأونروا الخمس وخارجها في مصر والعراق في كافة مراحل الكفاح الوطني الفلسطيني وأصبح عدد كبير منهم قادة ورموزا وطنية في إطار فصائل المقاومة الفلسطينية منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في الأول من كانون ثاني /يناير 1965، كما شارك اللاجئون في الضفة والقطاع بزخم كبير خلال الانتفاضتين الأولى والثانية وسقط خلالها المئات بين شهيد وجريح وأسير.
وكالة الأونروا
بالنسبة للمخيمات، فإن وكالة الأونروا تدير (59) مخيماً في مناطق عملياتها الخمس، الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة.
وبالنسبة للضفة الغربية وقطاع غزة، فقد بلغ إجمالي سكان الضفة الغربية بما فيها القدس نحو ثلاثة ملايين ومائتي الف فلسطيني يشكلون (26) في المائة من عدد السكان.
ويعيش ربع اللاجئين في الضفة في (19) مخيما رسميا، ويقطن الآخرون في خمسة مخيمات غير معترف بها رسميا من قبل الأونروا ومدن وقرى الضفة الغربية.
في حين وصل عدد سكان غزة مليونين وثلاثمائة ألف فلسطيني، 76 في المائة منهم من لاجئي 48؛ يتركز (53) في المائة منهم ثمانية مخيمات بائسة ، ويتوزع الباقون على القرى والمدن والاحياء في القطاع .
يعتبر مجتمع اللاجئين في الضفة والقطاع فتياً نظراً لكون الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر يشكلون أكثر من خمسين في المائة، وتعتبر الكثافة السكانية في مخيمات غزة الأعلى في العالم.
٧٦ عاماً على النكبة .. أعمدة قضية اللاجئين تتعرض للتدمير الممنهج!
استهداف ممنهج
يلحظ المتابع أن الجيش الإسرائيلي يقوم منذ بداية تشرين الأول /أكتوبر الماضي باستهداف المدنيين والبنى التحتية في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، محاولة لإخضاع المقاومة الفلسطينية وحاضنتها الشعبية لتحقيق هدف غير معلن يتمثل بطرد الفلسطينيين من قطاع غزة إلى شمال سيناء المصرية ومن الضفة الغربية باتجاه الأردن بغرض فرض ديموغرافيا إجلائية تهويدية إحلالية.
هذا جنباً الى جنب مع تدمير ممنهج للمخيمات في قطاع غزة والضفة الغربية لدفع اللاجئين إلى خارج فلسطين ، وتالياً تغييب أهم شاهد على نكبة 48، جنباً إلى جنب مع محاولة شطب قضية اللاجئين من أجندة الأمم المتحدة والدالة على ذلك عمل إسرائيل الدؤوب لتصفية وكالة الأونروا والسعي لاختلاق قضية لاجئين يهود ومحاولة تغيير صفة اللاجئ الفلسطيني، بحيث لا تتضمن وثائق الأونروا الزيادة الطبيعية لأهل النكبة الكبرى، لكن صمود الشعب الفلسطيني واستمرار كفاحه بكافة الوسائل المتاحة أفشل المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، وفي المقدمة منها قضية اللاجئين التي طالت النسبة الكبرى من الشعب والوطن الفلسطيني .
من نافلة القول إن المخيمات داخل فلسطين وخارجها كانت وماتزال الخزان البشري للكفاح الوطني الفلسطيني.