الأسبوع 58 من الحرب الروسية على أوكرانيا – فشل جيراسيموف والقتال في وسط باخموت

الرحب الروسية على اوكرانيا

الأسبوع 58 من الحرب الروسية على أوكرانيا

فشل جيراسيموف والقتال في وسط باخموت

اعداد مركز “فيجن” للدراسات الاستراتيجية

3/4/2023

بدأ القتال بالفعل في وسط باخموت. بعد الفشل في احكام حصار المدينة، بدأت القوات الروسي التركيز على دفع القوات الأوكرانية الى خارج حدود المدينة. ومع ذلك، لا يزال تحقيق هذا الهدف بعيدًا – فالمعارك تدور في كل شارع وكل منزل، وتقوم القوات الأوكرانية بشن عمليات هجومية مضادة من وقت لآخر لتستعيد السيطرة على المواقع المفقودة. لا تزال الأعلام الأوكرانية ترفرف فوق بلدات أفدييفكا وماريينكا وأوغليدار، وفي ضواحي بلدة كريمينايا، وصل الوضع إلى طريق مسدود دموي لكلا الجانبين و توقف العمليات الهجومية الروسية تقريبا على محور كوبيانسك.

كل القوات – إلى المدينة

خلال الأسبوع الماضي، لم يتغير الوضع حول مدينة باخموت كثيرًا: لم تتمكن القوات الروسية من قطع خطوط الإمداد للحامية الأوكرانية بالقرب من قرية خروموفو. كما توقف تقدمهم نحو مدينة سلافيانسك على طول الطريق السريع M03. في هذه المنطقة، تحصنت القوات الأوكرانية في قريتي مينكوفكا وبريفولي الواقعتين على تل. للوصول إليهم، يجب أن تقطع القوات الروسية عدة كيلومترات عبر الأراضي المفتوحة تحت نيران القوات الأوكرانية. ولم تستطع القوات الروسية تجاوز هذه المصاعب خلال عدة أسابيع.

إلى الجنوب الغربي من باخموت، الوضع مستقر أيضًا. في هذه المنطقة اقتربت القوات الروسية عدة مرات من قرية إيفانوفسكوي. بعد احتلالها، يمكن أن يهددوا قرية خروموفو من الجانب الآخر، أو حتى يشرعوا في اقتحام مدينة تشاسوف يار، التي يتم من خلالها إمداد باخموت. ومع ذلك، القوات الأوكرانية تتصدى مرارًا وتكرارًا للقوات الروسية وتدفعها للتراجع إلى مواقعها الأصلية. النجاحات التي تحققت في الأيام الأخيرة على هذا القطاع من الجبهة سمحت للقوات الأوكرانية بزيادة تأمين طرقهم اللوجستية.

لكن في باخموت نفسها، زادت حدة الأعمال القتالية بشكل حاد. سيطرت قوات ميليشيا “فاغنر” الروسية على معظم المنطقة الصناعية في الجزء الشمالي من المدينة، وهم يقتربون بالفعل من محطة السكة الحديد. لمقابلتهم من الجنوب على طول شاطئ نهر باخموتكا، قامت مجموعة أخرى من ميليشيا “فاغنر” بعملية اختراق، واستطاعت بالفعل الوصول إلى وسط المدينة. لاحتواء هجوم القوات الروسية، تستخدم القوات الأوكرانية ترسانة الوسائل المتاحة بالكامل، بما في ذلك أقواها. حيث منذ أيام قليلة، تعرضت مواقع ميليشيا “فاغنر” في مصنع “آزوم”، في شمال المدينة، لصاروخ توشكا-يو، تسبب في دمار واسع، لكن لم يتم معرفة الاعداد التقريبية لقتلى “فاغنر”.

في نهاية الأسبوع، ظهر مقطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي علق فيه أفراد من ميليشيا “فاغنر” علمهم على سطح مبنى متعدد الطوابق في شارع ليرمونتوف. يوم الأحد، ظهرت أدلة على وجود مرتزقة “فاغنر” في الساحة المركزية للمدينة بالقرب من مجلس مدينة باخموت، وأعلن مؤسس الشركة العسكرية الروسية، يفغيني بريغوجين، بدوره، عن الاستيلاء “القانوني” على المدينة. ومع ذلك، فإن الوضع في وسط باخموت ومحيطها ديناميكي: يمكن ان تنتقل السيطرة على المنازل والشوارع بأكملها أن تتغير عدة مرات.

علق محللو مشروع DeepState الأوكراني على الوضع في باخموت يوم الأحد وأوضحوا أن “جهود القوات الروسية الرئيسية موجهة نحو وسط وجنوب وشمال باخموت. في الشمال، تم تأكيد خسارة مصنع ماكييفكا للأعمال المعدنية، الذي يقع في باخموت. كما تم تفجير جسر السكة الحديد. القتال مستمر في وسط المدينة، وفي الجنوب تحاول القوات الروسية توسيع منطقة سيطرتها في شارع “Tsentralnaya”.

وبحسبهم، فإن القوات الروسية، مقارنة ببداية شهر آذار (مارس)، قد خففت من حدة الأعمال العدائية في كثير من الأماكن. قد يكون هذا بسبب الإرهاق أو محاولة لاستعادة قدرتها الهجومية.

لا يوجد حصار

كذلك الظروف الجوية تؤثر على معركة باخموت. في النصف الثاني من الأسبوع الماضي، تساقطت كمية كبيرة من الثلوج هناك، والآن تساقط الامطار. كل هذا يعقد بشكل كبير العمليات الهجومية والإمدادات.

قال العقيد في إدارة أمن الدولة رومان كوستينكو “في محور باخموت، تتغير حدة الأعمال العدائية كل يوم. الامر يتعلق بالوضع والطقس. ومع ذلك، تبقى الذخيرة العامل الرئيسي. اعتمادًا على ما إذا كنا نحن أو القوات الروسية قد تلقينا الذخيرة، فإن شدة القتال إما أن تزداد أو تنخفض. ومع ذلك، فإن الوضع في محور باخموت لا يزال صعبًا بالنسبة للجيش الاوكراني”.

وفقًا لنائب وزير الدفاع الأوكراني آنا ماليار، ليس فقط مقاتلي ميليشيا “فاغنر”، ولكن أيضًا تنخر اعداد متزايدة من جنود الجيش الروسي النظامي، ولا سيما المظليين، في القتال ضد الجنود الأوكرانيين في باخموت.

وقد علقت ماليار على سير الأعمال القتالية في هذا القطاع من الجبهة قائلة: “في باخموت، الوقت يلعب ضد العدو. الإجراءات الكفؤة لقيادتنا في اتجاه باخموت وشجاعة المقاتلين جعلت هذه المعارك المستمرة هي الأغلى ثمناً للعدو منذ بدء الغزو الشامل. بعد كل شيء، الوقت الذي يقضيه العدو في احتلال باخموت، والأسلحة والمعدات وعدد كبير من القتلى من وجهة نظر النفعية العسكرية لا تبرر نفسها”.

وكما أشار رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، الجنرال مارك ميلي، فإن الهجوم على باخموت تحول إلى “مذبحة” للروس. ووفقًا له، فإن تقدم مقاتلي “فاغنر” هنا ضئيل للغاية، والخسائر غير قابلة للمقارنة.

وأعرب العقيد في القوات المسلحة الأوكرانية يفهن ميجيفيكين، الذي يرأس المجموعة التكتيكية المشتركة “آدم”، التي تقاتل في محور باخموت، في محادثة مع صحفيي نيويورك تايمز، عن ثقته أن المقاتلين الأوكرانيين سيكونون قادرين على الاحتفاظ بالمدينة، وستكون المعركة من أجلها نقطة تحول في الحرب. ويعتقد أن هجوم القوات الروسية يضعف، ولم يعد بإمكانهم استكمال تطويق باخموت.

استنساخ باخموت

مدينة افدييفكا أيضًا غير مهددة بالحصار في المستقبل القريب. إلى الشمال من المدينة، يستمر القتال من أجل قرية كامينكا الصغيرة التي كان عدد سكانها قبل الحرب حوالي 200 شخص. حولها منطقة محصنة قوية للقوات المسلحة الأوكرانية.

بعد أن احتلت بلدة كراسنوغوريفكا في أوائل مارس، والتي تبعد عن أفدييفكا حوالي خمس كيلومترات، لم تتمكن القوات الروسية من الاستفادة من هذا النجاح وتشكيل تهديدًا مباشرًا للخدمات اللوجستية للحامية الأوكرانية. يمكن قول الشيء نفسه عن الوضع جنوب المدينة، حيث كانت القوات الروسية تتقدم دون جدوى من قريتي أوبيتنوي وفوديانوي منذ عدة أشهر. يعتقد الخبراء العسكريين أن فرصة حصار القوات الروسية لبلدة أفدييفكا أقل بكثير من فرصة حصار باخموت.

في الأسبوع الماضي، نشرت القوات الأوكرانية مقطع فيديو جديد لتدمير المعدات الروسية التي كانت تتقدم نحو افدييفكا من جهة فوديانوي. بمساعدة أنظمة الصواريخ المضادة للدبابات، خلال معركة واحدة فقط فقد الروس ثلاث دبابات وعربة قتال مشاة واحدة.

في نهاية الأسبوع، وفقًا لأليكسي دميتراشكوفسكي، رئيس المركز الصحفي المشترك لقوات الدفاع لمحور الدفاع تافريا، تراجعت حدة الهجوم الروسي في منطقة أفدييفكا. وأوضح قائلا: “أفدييفكا، تقريبًا، استنساخ لباخموت. لماذا انخفض عدد الأعمال الهجومية ولماذا لا توجد معدات؟ تم تقليل الأنشطة الهجومية بسبب الخسائر: استنفد العدو كل احتياطاته تقريبًا. الآن يحتاج الروس إلى تجديد كبير جدًا للقوى العاملة. هذا هو السبب في انخفاض عدد الهجمات في محور أفدييفكا”. وأضاف أنه “بعد خسارة كمية كبيرة من المعدات، يهاجم الروس بشكل أساسي بالمشاة”.

ويشير ألكسندر موسينكو، رئيس مركز البحوث القانونية العسكرية، إلى أن الطيران الروسي ينشط بشكل خاص في منطقة أفدييفكا، الذي يمسح ببساطة المدينة من على وجه الأرض. أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية تتموضع في العمق الخلفي حتى لا تتعرض للخطر، لذلك كل الاعتماد على مجموعات المقاتلين المتنقلة التي لديها أنظمة دفاع جوي محمولة. فعاليتها أقل مقارنة بالتكنولوجيا المضادة للطائرات.

في الوقت الحالي، لا يزال حوالي 1.9 ألف مواطن في أفدييفكا (قبل الحرب كان هناك أكثر من 30 ألفًا)، تم تدمير جميع اتصالات المدينة. ومع ذلك، فإن العديد ممن بقوا يرفضون مغادرة المدينة.

فشل جيراسيموف

لطالما كانت قرية بيلوغوروفكا، إحدى البلدات القليلة التي تسيطر عليها القوات الأوكرانية في منطقة لوغانسك، إحدى نقاط الألم التي يعاني منها الجيش الروسي. تتمتع بيلوغوروفكا بأهمية إستراتيجية كبيرة ويمكن أن تصبح نقطة البداية للهجوم المستقبلي للقوات المسلحة لأوكرانيا في منطقة لوغانسك.

وعن أهمية القرية يقول بعض الخبراء ان “بيلوغوروفكا التي تقع شمال جبهة دونيتسك، وهي منطقة محصنة، جنوب شرق مدينة سيفيرسك، يمكن ان تكون نقطة انطلاق لحركة القوات الأوكرانية المستقبلية نحو مدينة ليسيتشانسك. هذا اتجاه واعد للغاية للوصول الى مدينة لوغانسك”.

تبعد بيلوغوروفكا عن ليسيتشانسك حوالي خمس كيلومتر. تغطي البلدة أيضًا جناح القوات الاوكرانية على الضفة المقابلة من نهر سيفيرسكي دونيتس، التي تقاتل في الغابات بالقرب من كريميننايا.

في نهاية الأسبوع الماضي، صعدت القوات الروسية عملياتها في هذا الاتجاه، محاولين الهجوم على جبهة واسعة من قرية نيفسكي إلى قرية تورسكوي (حوالي 15 كيلومترًا بين القريتين). ومع ذلك، بسبب التغير الحاد في الأحوال الجوية وتساقط كمية كبيرة من الثلوج، تعثر الهجوم الروسي. هنا الهدف الرئيسي للقوات الروسية على هذا المحور هو الوصول إلى مدينة ليمان، التي حررتها القوات الأوكرانية في شهر أكتوبر الماضي، والتي يمكن أن تصبح واحدة من نقاط الانطلاق لشن هجوم إضافي على مدنيتي سلافيانسك وكراماتورسك.

تستخدم القوات الروسية في عملياتها الهجومية على نطاق واسع المدفعية وأنظمة إطلاق صواريخ المتعددة (بما في ذلك مدفعية TOS-1A Solntsepek – قاذف اللهب)، لكن القوات المسلحة الأوكرانية تشن معركة فعالة مضادة للبطارية.

لخصت المخابرات البريطانية بعض نتائج القتال تحت قيادة رئيس الأركان العامة الروسية، الجنرال فاليري غيراسيموف، الذي تولى في 11 يناير 2023 القيادة شخصياً لـ “العملية العسكرية الخاصة” في أوكرانيا. نتائج مخيبة للآمال بالنسبة للروس: فقد فشل الهجوم الشتوي الكبير المعلن الذي استهدف الاحتلال الكامل لدونباس الأوكراني، وتحقيق مكاسب طفيفة على الأرض مقابل عشرات الآلاف من القتلى والجرحى من الجنود، ناهيك عن خسائر هائلة بالمعدات.

في شهر مارس، تمكنت القوات الروسية من احتلال 70 كيلومترًا مربعًا فقط – 0.01 ٪ من أراضي أوكرانيا (تم عرض نفس النتيجة بالضبط في فبراير).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *