القوات الأوكرانية تبدأ هجوماً مضادا في إقليم خيرسون

د. سعيد سلّام

30/8/2022

اعلنت رئيسة المركز الصحفي لقوات الدفاع “الجنوبية” ناتاليا غومينيوك إن القوات المسلحة الأوكرانية شنت هجوما طال انتظاره في اتجاه خيرسون. كذلك تكتب قنوات “تيليغرام” الروسية التي تغطي مجريات الأعمال القتالية عن عمليات عسكرية للجيش الأوكراني. وبحسب تقارير نشرتها مواقع أوكرانية، فإن القوات الروسية تترك أماكنها وتتراجع في بعض المواقع. كذلك يتم توجيه ضربات صاروخية ومدفعية مكثفة على وحدات من القوات الروسية على الضفة اليمنى لنهر دنيبر.

هناك نجاحات للقوات الاوكرانية، وهناك معارك موضعية بهدف تحسين الموقف على خط المواجهة، و تتابع إحداث أضراربالجسور والمعابر ونقاط التحكم ومستودعات الذخيرة الروسية. القوات الروسية محبطة جزئياً، لكنها تواصل المقاومة.

الخطوة التي كان الجميع ينتظرها

بالامس ظهرت معلومات في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي الأوكرانية حول الهجوم الواسع النطاق للقوات الأوكرانية في إقليم خيرسون. وتم تأكيد المعلومات رسميا من قبل رئيسة المركز الصحفي المشترك لقوات الأمن والدفاع “الجنوبية” ناتاليا غومينيوك، حيث ذكرت أن الجيش الأوكراني شن هجومًا مضادًا في العديد من المناطق في جنوب أوكرانيا.

كذلك أفادت مجموعة العمليات لقوات “كاخوفكا” عن انسحاب الفوج 109 من “جمهورية دونيتسك الشعبية” وقوات المظليين الروس الذين يساندونه من المواقع التي كانو يسيطرون عليها. بالإضافة إلى ذلك، يتم تداول معلومات غير رسمية في شبكات التواصل الاجتماعي الأوكرانية تفيد بأن القوات الأوكرانية وسعت بشكل كبير من “موطئ قدمها” على الضفة الشرقية لنهر إنغوليتس وحررت قرية سوخوي ستافوك، على بعد 45 كيلومترًا من نوفايا كاخوفكا.

اشتدت العمليات القتالية قبل يوم من بدء الهجوم المضاد، عندما بدأت القوات الأوكرانية بشن ضربات صاروخية ومدفعية مكثفة على منشآت عسكرية روسية على الضفة اليمنى لنهر دنيبر، حيث تم استهداف 6 مخازن سلاح وعتاد عسكري و 4 مواقع قيادية روسية، و تابعوا الاستهداف في اليوم التالي. كذلك وفقًا لرئيس الإدارة العسكرية الإقليمية في أوديسا، سيرغي براتشوك، فقد تم تدمير ثلاث قواعد ومعبر واحد عبر النهر للقوات الروسية في منطقة بيريسلاف في إقليم خيرسون. وفي نوفا كاخوفكا، أعلن الروس إخلاء أماكن العمل، ووفقًا لـوكالة الانباء الرسمية الروسية ريا نوفوستي، يتم إرسال الناس إلى الملاجئ بسبب القصف المكثف على المدينة من قبل القوات الأوكرانية، في اعتراف ضمني روسي بالهجوم الأوكراني في إفليسسم خيرسون.

قبل أيام قليلة، كتب خبراء عسكريون عن تدهور كبير في القدرات الهجومية للقوات الروسية في جنوب أوكرانيا، حيث كان النجاح الموضعي الوحيد خلال الأسبوع الماضي هوالسيطرة على قرية بلاغاداتنوي الصغيرة، على بعد 30 كيلومترًا شرق مدينة نيكولاييف، لكن القوات الروسية فشلت في تطويره بشكل أكبر. قد يؤدي النجاح المحتمل للجيش الأوكراني في إقليم خيرسون إلى وضع حد لخطط الكرملين لضم جنوب أوكرانيا والتسبب في تأثير دومينو كارثي لموسكو في اتجاهات أخرى.

كل شيء يبدأ بالاستطلاع، ثم تأتي الهزيمة الشاملة

يمكن أن ينجح الطيران و / أو المدفعية، عندما يتم الاستطلاع الفعال، قد لا يستمر الهجوم في جبهة واحدة متواصلة كما تفعل القوات الروسية، ولكن يمكن أن تكون مجموعات قادرة على المناورة تهاجم القوات الروسية من جوانب مختلفة. لا تتم العمليات بالترتيب المعتاد مع الانتقال إلى الهجوم، ولكن مع إلحاق الهزيمة بالقوات المعادية من قبل مجموعات قادرة على المناورة من جهات مختلفة، وأحيانًا حتى من تلك المواقع التي لا يتوقعها. حتى الآن، نرى إجراءات هجوم مضاد موضعي في قطاع منفصل عن الاتجاه العملياتي.

أفادت وسائل اعلام نقلاً عن مصادر في الإدارة العسكرية الأوكرانية أن “القوات الأوكرانية شنت هجومًا على خط كيزوميس – نوفودميتروفكا – تومينا بالكا (جنوب غرب إقليم خيرسون) وسرعان ما تمكنت من الوصول إلى خط الدفاع الثالث، لأن الهجوم الغير متوقع في تلك المنطقه تسبب في حالة من الذعر في مواقع القوات الروسية. في اتجاه نيكولايفسكي، يحاول الروس استعادة مواقعهم في قرية بلاغوداتنوي. إلى الشمال من سنيغوروفكا، سيطرت القوات الأوكرانية على سوخوي ستافوك و “تضغط” في اتجاه نوفايا كاخوفكا”.

نظرًا للضرر الذي لحق بالجسور لن تستطيع القوات الروسية استقدام قوات اضافية من شبه جزيرة القرم، كذلك لن تتمكن من الانسحاب مع المعدات العسكرية والأسلحة، لكن يمكنها عبور جسر أنتونوفسكي، لكنهم لن يستطيعوا الوصول إلى جسر كاخوفسكي، لأنه لن يُسمح لهم بالخروج. يمكن للافراد الانسحاب سيرا على الأقدام عبر جسور السكك الحديدية.

ايضا استطاعت القوات الأوكرانية إبعاد الطيران الروسي من شبه جزيرة القرم، حيث نقلت روسيا طائراتها إلى داخل الاراضي الروسية. والأمر الآخر هو أن القوات الاوكرانية دمرت الكثير من أنظمة الدفاع الجوي الروسية، والآن ستواجه الطائرات المقاتلة الأوكرانية الطائرات الروسية في الجو. ستعمل أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية ضد الطائرات الروسية. في هذه الحالة، رغم عدم وجود تفوق جوي، ولكن، على الاقل، تم تحقيق التكافؤ في منقطة عمليات خيرسون، والطيران الاوكراني يعمل بنجاح كبير هناك جنبًا إلى جنب مع المدفعية.

معارك في شوارع خيرسون.

أفادت معلومات من مصادر محلية أنه منذ الصباح الباكر من يوم 30 أغسطس، سُمع إطلاق نار في العديد من مناطق خيرسون. يتم التحدث عن رشقات نارية آلية، وهناك أيضا معلومات عن إطلاق نار من مركبات مصفحة في المدينة. لكن لا يزال من غير الممكن تحديد ما يحدث بالضبط في خيرسون.

حوالي الساعة 7 صباحًا (بتوقيت كييف)، بدأت التقارير تظهر أن هناك معارك مستمرة في المناطق الشمالية من المدينة. والحديث على وجه الخصوص حول سماع اطلاق نار من اسلحة آلية ونيران من عربات المشاة المدرعة والدبابات. من غير المعروف ما إذا كان الجيش الأوكراني قد تمكن من الوصول إلى خيرسون ليلاً، أو ما إذا كان السكان المحليون قد دخلوا المعركة مع القوات الروسية.

المعلومات الواردة من مصادر خاصة في مدينة خيرسون تؤكد حدوث إطلاق النار في منطقتي تافريسكي و الحي الشمالي (من ناحية تشيرنوبايفكا)، حيث كان إطلاق النار في الساعة 6-7، واستمر حوالي ساعة، بسبب محاولة إلقاء القبض على سجناء فروا من السجن 90، الذي تعرض لهجوم من قبل القوات الأوكرانية أمس وأول أمس بسبب تجمع القوات الروسية في ساحة السجن. كما سقط صاروخ على أطراف مدينة خيرسون، هذا سبب سماع اصوات انفجارات في المدينة. حتى الساعة 8:00 صباحًا، لم يعد يسمع سوى طلقات متفرقة.

استمر القتال طوال الليل في إقليم خيرسون ولم تبلغ السلطات الأوكرانية ولا الروسية عن تغيير في خط المواجهة. ومع ذلك، أكدت شبكة CNN أن خط الدفاع الأول للقوات الروسية في اتجاه خيرسون قد تم اختراقه. واستعادت أوكرانيا السيطرة على نوفايا دميتروفكا وبرافدينا وأرخانغيلسك وتومينا بالكا. وطوال الليل تم شن ضربات على نوفايا كاخوفكا في إقليم خيرسون، ايضا تم توجيه ضربة جديدة لجسر أنتونوفسكي والمعبر العائم في مكان قريب منه، المعلومات الواردة من مصادرنا تؤكد ان استهداف الجسر تم اثناء عبور قافلة عسكرية مكونة من عدة عربات.

مصادرنا الخاصة اشارت إن القوات الروسية تنقل معدات عسكرية من شبه جزيرة القرم إلى منطقة خيرسون. على وجه الخصوص، تم نقل حوالي 420 وحدة عسكرية اليوم. ومع ذلك، لا يمكن عبورها بسرعة!

كذلك بدأ الروس في سحب المعدات من خيرسون والمناطق المحيطة بها، وتتحرك أكثر من 50 وحدة من المعدات في اتجاه جسر أنتونيفسكي، وان خسائر القوات الروسية بلغت الأمس في إقليم خيرسون 250 على الأقل، وتم اسر 30 جندي روسي.

وضربت القوات الأوكرانية خلال اليوم الماضي 13 نقطة سيطرة للجيش الروسي في مناطق خيرسون وبريسلاف وكاخوفسكي، و تم تدمير المعبر العائم الذي كانت القوات الروسية تبنيه عبر نهر دنيبر، وثلاثة مستودعات للذخيرة في بيريسلاف، وفيزوكوبيلا، وأنتونيفكا.

ردود فعل روسية و دولية

يؤكد “المروجون” الروس العمليات الهجومية للجيش الأوكراني، لكنهم لا يعترفون بأي إنجازات للقوات المسلحة لأوكرانيا، واصفين جميع التصريحات حول نجاح القوات الأوكرانية بأنها مزيفة.

رسميًا، كان سيرغي أكسيونوف، الرئيس الروسي لشبه جزيرة القرم، أول من تحدث من الجانب الروسي، حيث ذكر أن المعلومات حول هجوم القوات الأوكرانية، الذي بدأ في الاتجاه الجنوبي، هي “معلومات وهمية” اخترعتها “عصابة مدمني المخدرات والمجرمين” الأوكرانيين لـ “أسيادهم الغربيين”.

وفي وقت لاحق، نشرت وكالة الانباء الروسية “تاس” رسالة تفيد بأن “سلطات” إقليم خيرسون تدحض الشائعات حول هجوم القوات الأوكرانية على خيرسون.

وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الهجوم المضاد الأوكراني لم ينجح: “نتيجة للدفاع النشط لتجمع القوات الروسية، تكبدت وحدات من القوات المسلحة الأوكرانية خسائر فادحة. خلال المعارك، تم تدمير 26 دبابة أوكرانية، و 23 مركبة قتال مشاة، وتسع مركبات قتال مصفحة أخرى، وتم إسقاط طائرتين هجوميتين من طراز Su-25”. واضافت وزارة الدفاع الروسية إن خسائر القوات الاوكرانية في القوة البشرية بلغت أكثر من 560 عسكريا، وفشلت محاولة الهجوم فشلا ذريعا.

بدوره، يلاحظ المحلل العسكري الروسي إيليا كرامنيك، أنه لا ينبغي توقع هجوم خطير من القوات المسلحة الأوكرانية: “ما يجب ألا نتوقعه بالتأكيد هو نوع من الهجوم العميق بأهداف حاسمة. السؤال ليس حتى في القوى، على الرغم من وجودها أيضًا، ولكن في جودة الإدارة. إن ما تم إثباته لمدة ستة أشهر، بما في ذلك من حيث إجراءات التشكيلات المدرعة الكبيرة، يجعل المرء يشك بشدة في جدوى مثل هذه الخطط دون تغييرات جذرية في عدد من الجوانب، من اللوجستيات إلى القضايا الفعلية لقيادة مجموعات كبيرة متعددة الأنواع في المعركة. مع الاحتمال الأكبر، سيستمر الهجوم بالطريقة المعتادة – التحركات غير السريعة لمجموعات الكتائب في أعقاب حركة خطوط نيران المدفعية. في الواقع، انطلاقًا من هذا الافتراض، بدأ القادة الأكثر بُعد نظر في الاستعداد لفصل الشتاء مرة أخرى في يونيو”.

من ناحيتها تؤكد شبكة CNN، نقلاً عن اثنين من كبار المسؤولين الأمريكيين، أن الجيش الأوكراني بدأ “جس” الخطوط الأمامية في الجبهة الجنوبية، ويتم ذلك قبل التحضير لهجوم مضاد كبير. الهجوم نفسه، بحسب الولايات المتحدة، سيشمل قوات جوية وبرية. وقال أحد المصادر للشبكة إنه وفقًا لبيانات الولايات المتحدة، تمكنت روسيا من نشر وحدات أقل في خط المواجهة مما كان يُعتقد في الأصل، وهذه التقديرات أخذها الجيش الأوكراني في الاعتبار.

وقال جون كيربي، منسق العلاقات العامة في مجلس الأمن القومي الأمريكي، إن البيت الأبيض على علم بالهجوم الأوكراني المضاد في اتجاه خيرسون، لكنه لا يريد التعليق عليه بالتفصيل.

ومع ذلك، أشار كيربي إلى أنه بغض النظر عن حجم ونطاق الهجوم المضاد الأخير، فإن الأوكرانيين “كان لهم بالفعل تأثير على القدرات العسكرية الروسية، لأن الروس اضطروا إلى سحب مواردهم من الشرق ببساطة بسبب التقارير التي تفيد بأن الأوكرانيين قد يشنون هجومًا كبيرًا في الجنوب. ولذا اضطروا إلى تقليص عدد أفراد بعض الوحدات في مناطق معينة في شرق دونباس من أجل الرد على ما اعتبروه بوضوح تهديدًا وشيكًا بهجوم مضاد”.

وأضاف أن روسيا تعاني بالفعل من مشاكل مع عدد الأفراد العسكريين في أوكرانيا، وأن الهجوم المضاد لن يؤدي إلا إلى تفاقم مشكلة الأفراد للقوات الروسية.

الرد الروسي – ضربات صاروخية روسية

خلال الليل شنت القوات الروسية هجمات صاروخية على منطقتي كريفوي روغ ودنيبر، حيث اعلنت السلطات الاوكرانية عن أصابة سيدة تبلغ من العمر 50 عاما. كما قصفت منطقة نيكوبول في إقليم دنيبروبتروفسك حيث تضررت محطة للحافلات ومتاجر ومكتبة أطفال. وفي وقت مبكر من صباح اليوم، شنت القوات الروسية هجوما صاروخيا على مدينة زابوروجيا، وبحسب المعلومات الاولية لم تقع اصابات، ولم يتم تسجيل أضرار كبيرة في مرافق البنية التحتية.

كما سمع دوي انفجار قوي في أوديسا، حيث، وفقًا للبيانات الأولية، عمل نظام الدفاع الجوي الأوكراني بنجاح. كما أفادت السلطات الأوكرانية أنهم تمكنوا من صد محاولات الهجوم في 4 اتجاهات: خاركوف وباخموت ويوجنوبجوسك وأفديفكا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *