الفساد في أوكرانيا .. هل سيؤثر على المساعدات الغربية؟

الفساد في أوكرانيا .. هل سيؤثر على المساعدات الغربية؟

الفساد في أوكرانيا .. هل سيؤثر على المساعدات الغربية؟

(تعليق د. سعيد سلّام – مدير مركز فيجن للدراسات الإستراتيجية، و د. خليل عزيمة – المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوكرانية، لقناة الحرة حول قضية الفساد الاخيرة التي تم كشفها في أوكرانيا)

الحرة / خاص – دبي

29/1/2024

في ظل تعثر الهجوم المضاد لاستعادة أراضيها المحتلة من روسيا، كشفت أوكرانيا، ليل السبت الأحد، عن قضية فساد جديدة طالت مؤسستها العسكرية.

ومنذ اجتياح القوات الروسية في فبراير 2022، عانت كييف من قضايا فساد في مؤسساتها الرسمية لدرجة أن الرئيس، فولوديمير زيلينسكي، أقال وزير دفاعه، أوليكسي ريزنيكوف.

وذكرت شبكة “سي إن إن” في أكتوبر الماضي أن زيلينسكي يواجه ضغوطا متزايدة من الولايات المتحدة لبذل المزيد من الجهود لمكافحة الفساد الحكومي في أوكرانيا.

وطبقا لتقرير الشبكة الأميركية في ذلك الوقت، فإن المسؤولين في إدارة الرئيس، جو بايدن، أوضحوا أن الأشكال الأخرى من المساعدات الأميركية قد تكون معرضة للخطر إذا لم تبذل أوكرانيا المزيد من الجهود لمعالجة الفساد.

وآنذاك، قال مسؤول أميركي مطلع على الجهود لشبكة “سي إن إن” الإخبارية دون الكشف عن هويته: “كانت الرسالة الموجهة إلى الأوكرانيين دائما هي أنه إذا تم اختلاس أي من هذه الأموال، فإن ذلك يعرض جميع المساعدات الأمريكية للبلاد للخطر”.

ومع ذلك، استبعد محللون أن تؤثر قضايا الفساد في كييف على المساعدات المالية والعسكرية التي تقدمها الدول الغربية لأوكرانيا.

“تفتيش” مباشر

وقال مدير مركز “فيجن” للدراسات الاستراتيجية في كييف، سعيد سلّام، إن “الحلفاء يعرفون أن أوكرانيا بحاجة إلى هذه الأموال من أجل دعم الاقتصاد” في زمن الحرب.

وأضاف سلّام في حديثه لموقع “الحرة” أن هذه القضايا “قد تثير جدلا حول الدعم المالي المباشر للحكومة الأوكرانية، لكنها لن تؤثر على تقديم المساعدات العسكرية للجيش”.

وفي هذا الإطار، قال الأكاديمي والمحلل السياسي الخبير في الشؤون الأوكرانية، خليل عزيمة، إن “الكشف عن حالات الفساد لن يؤثر على الدعم الغربي”.

وفي الوقت نفسه، يقوم الاتحاد الأوروبي بالتفتيش في صفقات الأسلحة المرسلة إلى أوكرانيا والتدقيق فيها للتأكد من شفافية الموردين، حسبما ذكر عزيمة في تصريحاته لموقع “الحرة”.

ويعتبر دور الأسلحة والمساعدات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة وبقية الحلفاء، حاسم في مساعدة الدولة الموالية للغرب في معركتها ضد الغزو الروسي.

وكانت وكالة الاستخبارات والأمن الأوكرانية كشفت أن مسؤولين عسكريين ورجال أعمال أوكرانيين اختلسوا 40 مليون دولار من الأموال المخصصة لشراء أسلحة في بداية الحرب التي شنتها موسكو.

وحدث الاختلاس في أغسطس 2022، أي بعد 6 أشهر على بدء الغزو الروسي للبلاد، وذلك في إطار شراء 100 ألف قذيفة هاون من الخارج لم يتم تسليمها أبدا، وفقاً لبيان صادر عن جهاز الأمن الأوكراني.

وظهرت عدة قضايا فساد في أوكرانيا منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022، خصوصا داخل وزارة الدفاع.

وفي أغسطس 2023، طرد الرئيس زيلينسكي كل المسؤولين الإقليميين المعنيين بالتجنيد العسكري، بسبب الإعفاءات الممنوحة في مقابل رشاوى.

وقال سلّام إن “قضايا الفساد في أوكرانيا ليست وليدة الحرب الروسية”، مردفا: “يجب أن نعلم أن قضايا الفساد في جميع دول الاتحاد السوفياتي السابقة مستشرية بشدة منذ 30 عاما”.

وجاءت قضية الاختلاس الجديدة بعد شهر على اعتقال مسؤول كبير بوزارة الدفاع الأوكرانية بسبب مزاعم عن اختلاس 1.5 مليار هريفنيا (40 مليون دولار) في قضية منفصلة تتعلق بعقد قذائف مدفعية.

وقال عزيمة إن الكشف عن قضايا الفساد في أوكرانيا ينال “استحسان غربي”، مضيفا أن “محاربة الفساد من أولويات الحكومة الأوكرانية”.

وتابع: “عمليات الكشف عن الفساد في وزارة الدفاع سيعطي وضعا إيجابيا للحكومة الأوكرانية أمام الغرب”.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قالت بريطانيا، وهي من أقوى مؤيدي كييف، إنها ستزيد دعمها لأوكرانيا في السنة المالية المقبلة إلى 2.5 مليار جنيه إسترليني (3.19 مليار دولار).

من جهته، قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في وقت سابق من يناير، إنه سيزور أوكرانيا في فبراير المقبل لوضع اللمسات النهائية على اتفاق ضمانات أمنية ثنائي ستسلم بموجبه باريس أسلحة أكثر تطورا لكييف، بما في ذلك صواريخ كروز طويلة المدى.

لكن المشرعين الجمهوريين في الكونغرس الأميركي قادوا حملة لوقف جهود الإدارة بتقديم مساعدات إضافية إلى أوكرانيا، رافضين إقرار حزم جديدة في الميزانية ما لم يوافق الديمقراطيون أولا على اتخاذ إجراءات شاملة وصارمة ضد الهجرة غير الشرعية على الحدود مع المكسيك.

“استثمار في الأمن الأوروبي”

وقدمت واشنطن دعما عسكريا لحليفتها كييف بأكثر من 43 مليار دولار منذ اجتياح القوات الروسية لجارتها الواقعة في أوروبا الشرقية.

ويعتقد سلّام أن استمرار أوكرانيا في الكشف عن عمليات الفساد في الجيش والمؤسسات الحكومية الأخرى “يحمل رسالة مهمة جدا للحلفاء الغربيين وأخرى للجمهور الداخلي”.

وقال إن الرسالة للدول الغربية مفادها “أن السلطات تعمل بقوة على مكافحة الفساد، وهي تعزز من مصداقيتها”، موضحا أن الرسالة الداخلية تشدد على أن مثل تلك العمليات “لن تمر كما كانت تمر سابقا”.

وبعد أن احتلت المرتبة 122 من بين 180 دولة في مؤشر إدراك الفساد لعام 2021 التابع لمنظمة الشفافية الدولية، تقدمت أوكرانيا للمرتبة 116 في العام 2022. ولم تصدر المنظمة تصنيف العام 2023 حتى الآن.

ورأى المحللون أن تصميم كييف على مكافحة الفساد يأتي أيضا لتحقيق متطلبات عضوية الاتحاد الأوروبي.

وقال عزيمة: “اعتقد أن استمرار الحكومة الأوكرانية بمحاربة الفساد أمر خاضع لدعم غربي، وخاصة أنها من متطلبات الإصلاحات للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي”.

ويتفق سلّام مع عزيمة في الرأي قائلا إن البلاد “تعمل بشكل كبير وقوي على تنفيذ المتطلبات الاتحاد الأوروبي في مكافحة الفساد الاقتصادي والسياسي”.

ولذلك، فإن المساعدات الغربية “لن تتأثر” على اعتبار أن هذا الدعم “هو استثمار في الأمن الأوروبي”، بحسب سلّام.

ومضى في قوله: “في حال انهيار أوكرانيا واحتلالها من قبل روسيا، فإن الأخيرة ستتوسع لاحقا في حربها ضد دول أخرى في الاتحاد الأوروبي مما ينقل الصراع إلى حرب عالمية شاملة بدخول الناتو للدفاع عن الدول المنضوية تحته”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *