الكيان الصهيوني يريد الحاق نكبة أخرى بالشعب الفلسطيني

الكيان الصهيوني يريد الحاق نكبة أخرى بالشعب الفلسطيني

تصريح صادر عن المكتب السياسي لحزب العمال

لويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال – الجزائر

14 أكتوبر 2023

منذ السابع من أكتوبر، يواجه قطاع غزة طوفانا من النيران يقتّل الرجال والنساء والأطفال دون تمييز. ويقتل مئات القتلى والجرحى من المدنيين تسجّل يوميا بينما تم قصف أكثر من 55.000 مسكن، ومعظم البنى التحتية الحيوية. أحياء تمت تصفيتها بالكامل، وفي طياتها عائلات فلسطينية بأكملها ظلّت تحت الأنقاض، في حين تمّ إحصاء أكثر من 2200 شهيد إلى غاية منتصف نهار 14 أكتوبر من بينهم أكثر من 700 طفل و 400 إمرأة.

حتى المساجد والكنائس لم تستثنى من الدمار. فرض الكيان الصهيوني على قطاع غزة أين يعيش أكثر من 2.3 مليون فلسطيني، حصارا شاملا، على الرغم من أنه محظور من قبل الأمم المتحدة حيث يحرم سكانه حتى من العناصر الأساسية للبقاء على قيد الحياة: الماء والكهرباء والغذاء والأدوية والمساعدات الإنسانية والوقود … وقد لجأ أكثر من 500.000 فلسطيني إلى مدارس الأونروا كونهم أصبحوا بلا مأوى ويريد الكيان الصهيوني ضم غزة مجدّدا وإجبار مليون ومئة ألف فلسطيني لمغادرة شمال وشرق غزة والتوجّه إلى جنوبها بهدف إخلائها من سكانها بالإبادة والتهجير القسري.

الكيان الصهيوني يريد الحاق نكبة أخرى بالشعب الفلسطيني.

حيث تتّضح معالم تجسيد مخطط صهيوني-أمريكي يرمي، من خلال ضغوطات وزير الخارجية الأمريكي، أنطوني بلينكن، على أنظمة عربية مجاورة (الأردن، مصر، العربية السعودية،…) لاستقبال جميع سكان غزة.

يهاجم الجيش الصهيوني المستشفيات عن قصد، ويستهدف سيارات الإسعاف التي تقوم بإجلاء الجرحى وعمال الإسعاف والأطباء والصحفيين … ويستخدم أسلحة محظورة، بما في ذلك غاز الفسفور الأبيض.

ومنذ يوم الحادي عشر أكتوبر تهاجم قطعان صهيونية (العسكر والمستوطنين) قرى الضفة الغربية، وتقتل وتعتقل وتدمر كل ما يعترض طريقها. الكيان الصهيوني لا يخفي ذلك: إنه يريد إبادة جميع السكان الفلسطينيين.

من المسؤول عن التصعيد المرعب الجاري؟

بالتأكيد ليست الجماهير الفلسطينية في غزة التي تتعرّض للتنكيل منذ عقود للاحتلال والقصف والحصار.

بالتأكيد ليس الشعب الفلسطيني الذي يتعرّض لسياسة الإبادة الجماعية العنصرية، للمجازر، دون انقطاع من طرف الكيان الصهيوني لمدة 75 عامًا حتى الآن.

مسؤولة ومذنبة

الحكومات الإمبريالية، بقيادة الإدارة الأمريكية، التي تدعم وتسلح وتمول … الكيان الصهيوني منذ إنشائه والتي تغطي على جميع جرائم الحرب وسياسة الإبادة العنصرية التي ارتكبها، منذ عام 1948.

والأنظمة العربية مسؤولة ومذنبة كونها لم تتوقف عن مساومة القضية الفلسطينية مع الإمبريالية الأمريكية، وقد قامت أغلبيتها بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، منفّذة لأوامر دونالد ترامب عرّاب الإتفاقية المسماة زورا “إتفاقية أبراهم”، ونصبت نفسها علنا كمدافعة عن مصالحه وبالتالي شرعنة سياسته الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني.

هي أنظمة أكدت مرة أخرى خضوعهما للكيان الصهيوني وراعيته الإمبريالية الأمريكية وتواطؤها الفعلي في المأساة الفلسطينية، من خلال تبنيها بأغلبية كبيرة إعلانا استسلاميا مخزيا في اجتماع وزراء الخارجية العرب (11 أكتوبر)، حيث وضعت على قدم المساواة الجلاد الإسرائيلي والضحية الفلسطينية.

الخزي والعار لتلك الأنظمة المعادية للشعب الفلسطيني ولشعوبها، التي يبقى دعمها التاريخي للشعب الفلسطيني ثابتا مثلما أكّدت ذلك المسيرات الجدّ حاشدة نصرة لغزة، فالشعب الفلسطيني.

ليس باسمنا!

إننا ننكر لهذا الكيان المزعوم العربي الحق في التحدث باسم شعوب المغرب والمشرق، بإسمنا.

إننا ندين الحملة السياسية والإعلامية المسعورة وغير المطاقة والدعاية المغرضة لأغلبية وسائل الإعلام الغربية التي تصور الشعب الفلسطيني، المستعمر والمضطهد، على أنه المعتدي والكيان الصهيوني المحتل لفلسطين والمضطهد لشعبها، على أنّه ضحية.

وسائل إعلام وسياسيون يلجؤون للأكاذيب وتزوير الحقائق لخداع الشعوب ولا يترددون في اللجوء إلى الترعيب لإخفاء الحقيقة، لإسكات كل صوت رزين وعادل.

فلنذكّر بالحقائق:

على مدى 75 عاما، لم تكن سياسة الكيان الصهيوني سوى عبارة عن سلسلة متواصلة من جرائم الحرب (طرد 2/3 من الشعب الفلسطيني، والأعمال الإرهابية التي اترتكبتها قطعان صهيونية بهدف ترويع الساكنة الفلسطينية لإجبارهم على مغادرة من قراهم ومدنهم ومنازلهم، وجعلهم لاجئين (أكثر من 7 ملايين) محرومين من حق العودة إلى ديارهم، حق معترف به بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 181.

لا، لا يمكن لأي دعاية أن تمحو الحقائق:

منذ فبركته، لم يتوقف الكيان الصهيوني يوما عن سياسة التطهير العرقي والاغتيالات والمجازر الجماعية للجماهير الفلسطينية والقمع الوحشي. إن عمليات التقتيل الواسعة النطاق، هذا الإضطهاد الدائم لم يُحرك أبدا ساكنا عند المدافعين بدون أي شرط عن “إسرائيل” الذين يسمون أنفسهم، بدون خجل، مدافعين عن حقوق الإنسان والديمقراطية.

هل يجعل المتعجرفون هؤلاء المنافقون أن الفلسطينيين الذين نجوا من المذابح الصهيونية المختلفة وبقوا في فلسطين يعيشون بنسبة كبيرة في قطاع غزة (66% من سكانها) في مخيمات اللاجئين المكتظة العديمة لأبسط مقومات الحياة داخل الأراضي الفلسطينية وفي لبنان والأردن على وجه الخصوص، حيث أجبرت حرب الإرهاب في سوريا وغزو العراق التدميرية مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين على نزوح آخر.

وفي الضفة الغربية، المدن والقرى الفلسطينية محاصرة بمستوطنات يهودية يقوم ساكنوها عن طريق السطو (المستوطنون)، وجميعهم مسلحون، بشن هجمات قاتلة بانتظام ضد العائلات الفلسطينية، ويستولون على أراضيها، ويدمرون منازلها، ويحرقون محاصيلها، ويقتلعون أشجارها، وفي أغلب الأحيان تحت حماية الشرطة والجيش الصهيوني وبتشجيع من القادة السياسيين للكيان الصهيوني.

وقد تفاقم هذا الوضع منذ توقيع اتفاقات أوسلو في سبتمبر 1993 والتي كانت بمثابة نكبة أخرى بالنسبة للشعب الفلسطيني الذي يراد من خلالها إجباره على التخلي عن 80% من أراضيه والعيش تحت الإحتلال الاسرائيلي إلى ما لا نهاية.

أيّ شعب في العالم يستطيع أن يقبل المصير الذي فرضته القوى العظمى و«إسرائيل» على الشعب الفلسطيني؟ أي شعب يقبل أن تنهب أرضه أو تجزّأ وتفكّك وتسلب ويحشر أبناءه في حبيسات أو بانتوستانات أو في مخيمات مثل “الحيوانات” كما وصفهم وزير دفاع الكيان الصهيوني يوآف غولانت دون أن يثير ذلك ردود فعل أو إدانة لدى المسؤولين ووسائل الإعلام الغربية المتواطئة في الجرائم الصهيونية؟

أما بالنسبة للمليون ونصف مليون فلسطيني الذين يقاومون ويرفضون مغادرة أراضي عام 1948 (إسرائيل)، فهم يعيشون كمواطنين من الدرجة الثانية على الرغم من حملهم الجنسية الإسرائيلية، يتعرّضون لجميع أنواع القمع والتمييز العنصري والإذلال والقمع والإعتقال والعنف البوليسي ، وفي هذه اللحظة بالذات هم يتعرّضون لأسوأ أشكال الاضطهاد بما في ذلك الاعتقالات الجماعية وفصل العمال الفلسطينيين من عملهم انتقاما منهم تحت ذريعة دعمهم الإرهاب، أي التضامن مع شعبهم . نفس المصير يتعرض له الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس المحتلة والذين يواجهون عمليات إخلاء أحياء بالكامل بهدف تهويد القدس وطرد جميع الفلسطينيين من أراضي 1948.

لا وألف لا، تاريخ الصراع “الإسرائيلي الفلسطيني” لم يبدأ في 7 أكتوبر 2023، فثلاثة أيام إندلاع الحرب كان يعتدي الجيش الصهيوني على القرى الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ويعتقل فلسطينيين…

منذ بداية عام 2023، ضاعف الجيش الصهيوني والمستوطنون هجماتهم على القرى الفلسطينية وتدمير البيوت والإغتيالات في أعمال مروعة

إنها قصة اغتصاب جماعي ارتكب في حق شعب في سنة 1947 في إطار الأمم المتحدة، قصة احتلال دموي، قصة ظلم مروع بتواطؤ القوى العظمى وأذنابها العرب.

إنها إذن قصة شعب يناضل من أجل الحق في الوجود والعيش في سلام وكرامة فوق أرضه.

لا، هذه ليست حربا بين دولتين، بين جيشين نظاميين يتقاتلان لأن فلسطين محتلة والسلطة الفلسطينية ليست دولة ذات سيادة، في حين أن الجيش الصهيوني المدجّج بالسلاح يتمتع بدعم عسكري من الحكومات الإمبريالية وفي مقدمتها الإدارة الأمريكية.

إنه تاريخ طويل لنضال شعب مستعمر ضد مستعمره الأجنبي، الذي إعتدى عليه.

لهذا السبب، نحن نستنكر بشدة رقابة وسائل الإعلام الغربية وأكاذيبها، نقولها بوضوح:

إنّ الصور الفظيعة المروعة التي يريد أنصار الصهيونية إخفائها لتكشف همجية الجيش الصهيوني في جميع أنحاء قطاع غزة والتي تهدف إلى إبادة 2.3 مليون فلسطيني، وتدمير المدينة وجميع القرى المحيطة بها بالكامل كما أعلن مسؤولو الكيان الصهيوني الذين حولوا غزة إلى مصيدة حقيقية حيث يتظاهر جيش الكيان الصهيوني بدعوة السكان إلى مغادرة منازلهم قبل القصف الجوي، في حين أن جميع المخارج تم غلقها، بما في ذلك معبر رفح وأنّه يتم إغتيال عائلات تحاول النزوح للنجاة بأرواحها.

لقد أثبت التاريخ ذلك منذ عام 1948 والأحداث الدموية الحالية تؤكده بشكل كبير، إن سراب حل الدولتين المزعوم ليس سوى إستمرار الحرب وبالتالي الموت والدمار والهمجية لجميع سكان فلسطين التاريخية. إن محاولة إحياء هذه الخدعة والترويج لها هو تمديد عذاب واستشهاد الشعب الفلسطيني والمعاناة والمآسي وبرمجة لفوضى في المنطقة.

للشعب الفلسطيني الحق، ككل الشعوب، في الكفاح  ضد المحتل الذي سلب أرضه، وضد من يضطهده، ومن أجل استرجاع حريته، ومن أجل تحرره الوطني.

هذا ما أثبتته المآسي التي تتواصل منذ 75 سنة:

لا يمكن لأي حل أن يعيد السلام الدائم في فلسطين والمنطقة ما لم يقرّ الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، واستعادة جميع حقوقه التاريخية، بدءا بالحق في الأرض وعودة جميع اللاجئين إلى ديارهم.

فلتتوقف المذبحة وجميع المجازر التي تستهدف الفلسطينيين !

ولتتوقّف الأكاذيب وإنكار الحقيقة !

وإذ تسقط الأقنعة، ننادي السلطات الوطنية إلى تقديم كل الدعم والمساعدات الضرورية للشعب الفلسطيني خاصة في غزة المهدّد بالموت الجماعي لكي يبقى على قيد الحياة ويقاوم بما في ذلك الدعم الإعلامي لكشف الحقيقة حول جميع جوانب المأساة التي تجري في فلسطين وحجمها.

من حيث الدولة الجزائرية تدعم بصفة صريحة الشعب الفلسطيني، يصبح رفع كل الحواجز أمام التعبير الحرّ للتضامن الشعبي مسألة شرف وطني.

  • الوقف الفوري للقصف القاتل والمدمّر الذي ينفّذه الكيان الصهيوني ضد السكان الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية !
  • الوقف الفوري للترحيل القسري لسكان غزة !
  • الرفع الفوري واللامشروط للحصار الإجرامي المفروض على غزة !

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *