خمسمائة يوم من الحرب الروسية الشاملة على أوكرانيا: الانجازات و التحديات امام اوكرانيا

خمسمائة يوم من الحرب الشاملة الروسية على أوكرانيا:

الانجازات و التحديات السياسية و العسكرية والتوقعات الأوكرانية

“التفوق في ساحة المعركة للطرف الذي يمكنه في الوقت المناسب وفي المكان المناسب توفير الضغط الناري الضروري على العدو”

د. سعيد سلام – مدير مركز “فيجن” للدراسات الاستراتيجية

10/7/2023

صادف يوم الثامن من تموز (يوليو) 2023 مرور 500 يوم على بدء الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا. منذ ذلك الحين، بدأ العد لما يسمى بـ “الحرب الكبرى”، والتي تشنها روسيا في شكل هجين ضد أوكرانيا منذ عام 2014.

وفقًا لمكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، خلال 500 يوم من الحرب الروسية على أوكرانيا، قُتل ما لا يقل عن 9083 مدنيًا أوكرانيًا. ومع ذلك، وفقًا للأمم المتحدة، يمكن أن يكون العدد الحقيقي للقتلى أعلى من ذلك بكثير. وأصيب 15779 مدنيا بجروح.

وفقًا لمكتب المدعي العام الأوكراني، قُتِل 494 طفلاً في أوكرانيا منذ بداية الحرب (وفقًا للأمم المتحدة، قُتِل أكثر من 500 طفل). معظم الأطفال عانوا في أقاليم دونيتسك وخاركوف وكييف وخيرسون وزابوروجيا ونيكولايف ودنيبروبتروفسك وتشرنيغوف ولوغانسك. هذه البيانات ليست نهائية، هذه فقط الضحايا الذين تم تأكيد أسمائهم.

منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، أصبح حوالي 6.3 مليون أوكراني لاجئين. وتقدر الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية في أوكرانيا بنحو 143 مليار دولار.

نقدم هنا قراءة موجزة للتطورات السياسية والعسكرية خلال 500 يوم من “الحرب الكبرى” وآفاق الهجوم الأوكراني المضاد.

الانجازات و التحديات على الصعيد السياسي:

قبل 10 سنوات، وقف الرئيس الروسي بوتين بفخر بين زملائه، في ذلك الوقت، باراك أوباما وأنجيلا ميركل في قمة مجموعة الثماني في أيرلندا الشمالية، والآن تم اصدار مذكرة اعتقال بحقه من قبل محكمة الجنايات الدولية، وافتتاح المكتب الدولي للتحقيق في غزو روسيا لأوكرانيا في لاهاي، والتي ستكون الخطوة الأولى نحو محكمة محتملة لقيادة الدولة الروسية.

في الوقت الذي يحشد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والدبلوماسيون الأوكرانيون دعم العالم بأسره، أصبحت روسيا، بقيادة بوتين، في عزلة دولية متزايدة.

المشاركة في قمة الدول العربية في المملكة العربية السعودية، واجتماع مجموعة السبع في اليابان، زيارة إلى المملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والولايات الامريكية المتحدة – قائمة بسيطة من لقاءات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال الأشهر القليلة الماضية.

الرئيس الاوكراني يلقي كلمة اثناء مشاركته في قمة الدول العربية في جدة

أستاذ الدراسات الإستراتيجية في جامعة سانت أندروز الأسكتلندية، فيليبس أوبراين، يوضح قائلاً: لو لم يكن لدى هذه الأطراف اعتقاد راسخ أن أوكرانيا ستخرج من الحرب في وضع جيد، لما تم دعوة الرئيس الاوكراني إلى كل هذه الأماكن. فقط لن يحدث. لا أحد يريد أن يكون بجانب زعيم، في رأيهم، سيفشل وستنهار بلاده”.

في الوقت نفسه، تعيش روسيا وزعيمها فلاديمير بوتين في عزلة تامة.

وبحسب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، فإنه بغض النظر عما قد يقوله الكرملين، وجدت روسيا نفسها في عزلة اقتصادية ومالية وسياسية ودبلوماسية عن بقية العالم بسبب عدوانها على أوكرانيا.

ويؤكد برايس: “لقد تم عزل روسيا عن بقية العالم على وجه التحديد بسبب القرارات التي اتخذها الرئيس بوتين، على وجه الخصوص، بالطبع، بسبب قرار شن هذه الحرب الوحشية غير المبررة وغير القانونية والوحشية ضد شعب أوكرانيا.

بيلاروسيا وإريتريا وكوريا الشمالية وسوريا هي الدول الوحيدة التي صوتت ضد قرار للأمم المتحدة يدين الحرب الروسية على أوكرانيا!

تفاقمت عزلة روسيا بسبب قرار المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض على فلاديمير بوتين. الآن الرئيس الروسي لديه الوضع الرسمي للمشتبه به في جريمة دولية – الترحيل القسري غير القانوني للأطفال الأوكرانيين.

كما أصدرت المحكمة مذكرة توقيف بحق ماريا لفوفا بيلوفا، رئيسة المفوضة لحقوق الأطفال في روسيا. يعني قرار محكمة الجنايات الدولية أنه في 120 دولة وقّعَت على قانون روما الأساسي، يجب القبض على بوتين وتقديمه للمحاكمة.

قال بيوتر هوفمانسكي، رئيس محكمة الجنايات الدولية، عن جريمة الحرب المتمثلة في ترحيل الأطفال من الأراضي الأوكرانية المحتلة إلى روسيا، “يحظر القانون الدولي على دولة الاحتلال نقل الأشخاص من الأراضي التي يقيمون فيها. يتمتع الأطفال بحماية خاصة بموجب اتفاقيات جنيف، يتم الاحتفاظ بسرية محتويات مذكرات الاعتقال من أجل حماية الضحايا”.

أعربت معظم الدول والمنظمات الدولية عن دعمها لأوكرانيا، ووصفت إصدار مذكرة توقيف بحق فلاديمير بوتين بأنه قرار تاريخي.

على وجه الخصوص، قال رئيس الحكومة الإستونية، كالاس، إنه لا يوجد أي شخص محمي، ولا حتى رؤساء الدول.

على سبيل المثال، دعت جنوب إفريقيا بوتين للمشاركة في قمة البريكس في أغسطس عبر برنامج التواصل Zoom. جنوب إفريقيا هي إحدى الدول التي وقعت على قانون روما الأساسي. وقال متحدث باسم حكومة جنوب افريقيا “ليس لدينا خيار عدم اعتقال بوتين. إذا جاء الى هنا فسنقوم باعتقاله”.

ولا يزال الاعتراف بروسيا كدولة راعية للإرهاب من أهم القضايا في السياسة الدولية.

على وجه الخصوص، اعتمد البرلمان الأوروبي بأغلبية الأصوات قرارًا يعترف بروسيا كدولة راعية للإرهاب. كما صوتت الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي لصالح القرار. وهي تضم 30 دولة. ومع ذلك، لا يوجد حتى الآن وحدة حول هذه القضية في كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

لا تستبعد وزارة الخارجية الامريكية الاعتراف بروسيا كدولة راعية للإرهاب على الجرائم التي ارتكبت خلال عدوانها على أوكرانيا. الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي لديها آليات قانونية لذلك.

بالنسبة للولايات المتحدة، هذا ليس بالأمر السهل. الاعتراف بروسيا كدولة راعية للإرهاب، يعني قطعًا تامًا لقنوات الاتصال الدبلوماسية والعلاقات التجارية، بالإضافة الى فرض عقوبات على الدول التي تتعامل مع النظام الروسي اقتصاديا وسياسيا، أي فرض عقوبات على الدول الحليفة فيي التحاد الأوروبي والعالم التي ما زالت تحتفظ مع روسيا ببعض التبادل التجاري الهام بالنسبة لها، الغاز مثلا، وهو أمر ليست مستعدة له، ومن غير المرجح أن تفعله. علاوة على ذلك، فإن القنوات الدبلوماسية والعسكرية مفتوحة اليوم. تفسير ذلك بسيط للغاية، روسيا والولايات المتحدة دولتان تمتلكان أسلحة نووية. لكن الضغط الدبلوماسي على روسيا سيزداد فقط خلال الفترة القادمة.

الانجازات و التحديات على الصعيد العسكري:

منذ حوالي شهر، تشن القوات المسلحة الأوكرانية هجومًا وهجومًا مضادًا في الجنوب والشرق. وعلى الرغم من بطء التقدم، إلا أنه مؤكد، الامر الذي أشار له الرئيس فولوديمير زيلينسكي، مؤكدًا أن وجود الطائرات الغربية أو أي أسلحة حديثة أخرى سيسمح للقوات الأوكرانية بالتقدم بشكل أسرع وإنقاذ المزيد من الأرواح.

بشكل عام، إذا تحدثنا عن 500 يوم من “الحرب الكبرى”، فيمكن ملاحظة حدوث تطورات معينة. أوكرانيا التي أصبحت أقوى بكثير رغم كل الضربات. وروسيا، التي بدأت من “كييف في ثلاثة أيام، كل أوكرانيا في ثلاثة أسابيع” وصلت إلى “لا داعي للهجوم، دعونا نتفاوض”. والغرب، الذي، وإن كان بشكل بطيء وصعب، بدأ يرى ويفهم بوضوح ويتحرك بشكل أكثر فعالية.

نتذكر جيدًا كيف فرت القوات الروسية العام الماضي، تحت ضغط القوات الأوكرانية، من الأقاليم الشمالية (أقاليم كييف، تشيرنيهيف، سومي)، من إقليم خاركوف، من الضفة اليمنى (الغربية) لإقليم خيرسون. كذلك شاهدنا كيف أجبروا على مغادرة جزيرة “الثعبان” في البحر الاسود. لم تكن هذه “خطوات حسن نية” على الإطلاق، كما تحاول الدعاية الروسية تصويرها. الجنود الأوكرانيون هم الذين خلقوا الظروف التي وضعت القوات الروسية امام خيار – الانسحاب أو الحصار وخسارة المعدات والقوى البشرية. بالطبع خسرت القوات الروسية الكثير من المعدات. لكنها أيضا من خلال هذه الانسحابات تمكنت من إنقاذ الكثير من السلاح من أجل الاستمرار في الحرب. قامت القوات الروسية باتخاذ قرارات صعبة ولكن عقلانية.

من الواضح أيضًا، أن الحرب الحالية هي حرب مدفعية. والتفوق في ساحة المعركة هي للطرف الذي يمكنه توفير التأثير الناري اللازم على الطرف الاخر في الوقت المناسب وفي المكان المناسب. وفي هذا الإطار فان الأرقام التي أعلنتها وزارة الدفاع البريطانية مؤخرًا مذهلة بحق. حيث أطلقت القوات الروسية 10 ملايين قذيفة نحو القوات الأوكرانية خلال الفترة الماضية من الحرب. بالإضافة الى خسارة حوالي 2.5 ألف دبابة.

في الوقت نفسه، تواصل القوات الروسية تكتيكات الإرهاب الصاروخي، وقامت بتفجير محطة كاخوفكا للطاقة الكهرومائية، وتواصل ابتزاز العالم بتفجير محطة زابوروجيا للطاقة النووية، ولا تتوقف عن انتهاك جميع الأعراف الدولية المتعلقة بسير الأعمال القتالية. القوات الروسية تقاتل أيضًا مع السكان المدنيين، مع جميع الأوكرانيين، وحسب ما أعلنته الأمم المتحدة فقد سقط أكثر من 9 الاف قتيل مدني منذ بدء الحرب. وللأسف نرى رد فعل بطيء إلى حد ما من المجتمع الدولي على مثل هذه الجرائم.

إن مسار العقوبات الدولية اقل فعالية، حتى الان، من توقعات المجتمع الدولي. النظام الروسي، وبعض الأطراف، يجدون ثغرات في التشريعات والعقوبات المفروضة من اجل التحايل على العقوبات والاستمرار بالأعمال التجارية مع النظام الروسي. نتيجة لذلك، ما زالت المصانع العسكرية الروسية مستمرة باستخدام الإلكترونيات الدقيقة للمصنعين الأمريكيين والأوروبيين في تصنيع الصواريخ التي يتم اطلاقها نحو الأراضي الأوكرانية لاستهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية الحيوية. هذه مشكلة تتطلب استجابات مناسبة. يجب تعزيز سياسة العقوبات ومعاقبة من يساعد النظم الروسي في الالتفاف على العقوبات والاستمرار في تصنيع الصواريخ. يرى بعض الخبراء السياسيين الاوكرانيين انه “يجب على العالم كله أن يفهم أن الاستمرار بالأعمال التجارية مع النظام الروسي يعني الوقوف، على قدم المساواة، معه في حربه ضد اوكرانيا. البعض يتوارى وراء المصالح الوطنية والرغبة في كسب المال. لكن هناك أشياء من غير المقبول كسب المال بواسطتها، و “المتاجرة في الدم” احداها”.

أيضا، حسب بعض الخبراء الاوكرانيين، ما زلنا نرى السياسة غير المنسقة لحلفاء أوكرانيا الغربيين فيما يتعلق بآفاق النظام العالمي المستقبلي، على الأقل في القارة الأوروبية. يبدو أنهم ببساطة لا يعرفون ماذا يفعلون مع روسيا، وما هو المستقبل الذي ينتظرها. لذلك فهم “لا ينفذون مجمل الطلبات المقدمة من قوات الأوكرانية. يقومون بتأخير تسليم ما تحتاجه القوات الأوكرانية متذرعين بأسباب مختلفة، حتى لو وعدوا”.

نتيجة لذلك، حتى الآن، ما زالت القوات الأوكرانية لم تحصل على صواريخ ATACMS وطائرات F-16 الموعودة. وبالنظر إلى أن الخبراء الغربيين البارزين يجادلون بأن الوضع في ساحة المعركة يمكن أن يتغير بشكل كبير لصالح أوكرانيا بمجرد استلامنا لهذه الأنواع من الأسلحة، تؤدي مثل هذه التأخيرات إلى حقيقة أن روسيا تحصل على الوقت – وهو مورد مهم للغاية. لكن من ناحية أخرى فإن تقديم الطائرات المقاتلة الغربية يحتاج الى وقت من اجل تدريب الطيارين الاوكرانيين وإعادة تأهيلهم لقيادة مثل هذه الطائرات، وهذا يستغرق عدة أشهر من التدريب المكثف، كذلك بحاجة الى تهيئة البنية التحتية اللوجستية من مطارات ومخازن قطع غيار وفنيي صيانة وغيرها من الأمور اللوجستية الهامة.

في غضون تسعة أشهر، قامت القوات الروسية بتجهيز أقوى مجموعة من المواقع الدفاعية في المناطق التي تحتلها في إقليمي خيرسون وزابوروجيا. كجزء من العمليات الهجومية التي تشنها القوات الأوكرانية حاليا، يصطدم الجيش الاوكراني بحقول ألغام واسعة وتحصينات جيدة التجهيز. وهذا، بالطبع، يخلق صعوبات إضافية امام تقدم القوات.

حاليا تنفذ القوات الأوكرانية الجزء الأول من خطتها الهجومية. إنهم يحاولون إضعاف القدرات القتالية للقوات الروسية قدر الإمكان – من خلال تدمير الأسلحة والمعدات العسكرية، بالإضافة الى التدمير المستمر والمكثف لمخازن الأسلحة ومراكز القيادة والاتصالات وطرق الامداد اللوجستي.

مهاجمة مواقع القوات الروسية المحصنة جيدًا، عندما تكون أيضًا في حالة تأهب قصوى ومزودة بكل الإمكانيات الدفاعية، محفوف بخسائر فادحة. ولكن إذا تم إضعاف القوات الروسية وبشكل متكرر، وتكبيدها خسائر فادحة، هذا يعني ان الهجوم الاوكراني سيكون أكثر فعالية في المستقبل.

في الوقت نفسه، يقول أحد الخبراء العسكريين: “وفقًا لعقيدة الناتو العسكرية، التي يلتزم بها حلفاء أوكرانيا، فإن مثل هذه المرحلة من العمليات الهجومية لا تتحقق إلا بشرط التفوق الجوي. يتم تنفيذ ضربات جوية حاسمة، ويتم قصف مواقع العدو بنشاط بالصواريخ والقنابل. بعد ذلك، يمكن لقوات المشاة التقدم”.

ولكن نظرًا لحقيقة أنه لم يتم تقديم الطائرات لأوكرانيا بعد، كجزء من التعاون العسكري التقني بين أوكرانيا والشركاء، يتعين على القوات الأوكرانية استخدام مكونات أخرى من الأسلحة التي تحقق اضرار بالغة في القوات الروسية ودفاعاتها. هنا يتم الحديث عن صواريخ متوسطة المدى نسبيًا وذخيرة مدفعية عالية الدقة. كل هذا، بالطبع، يبطئ عملية التحضير للمرحلة التالية من الهجوم، وهي عملية اختراق دفاعات القوات الروسية، لكنها لا تلغيها.

كيف تغيرت المساعدة العسكرية للحلفاء خلال 500 يوم من الحرب

منذ بداية العدوان الروسي الشامل، في 24 من فبراير العام الماضي، نقل حلفاء أوكرانيا والداعمين العسكريين آلاف أجهزة الرؤية الليلية ومعدات الحرب الإلكترونية، بالإضافة إلى الدبابات وراجمات الصواريخ ومدافع الهاوتزر والصواريخ إلى أوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك، تتم مناقشة موضوع نقل المقاتلين وتدريب الطيارين.

إدراكًا لحتمية الغزو الروسي، بدأ حلفاء أوكرانيا في تزويده بالأسلحة حتى قبل بدء الغزو الروسي واسع النطاق. في يناير 2022، بدأت بريطانيا في نقل الأسلحة المضادة للدبابات إلى أوكرانيا. كما وصلت مجموعة من الأسلحة القتالية من الولايات المتحدة إلى كييف.

في البداية، تم توفير أسلحة يمكننا تصنيفها كأسلحة مشاة. من السهل صيانتها، ولا تتطلب تدريبًا طويلًا، باستثناء Javelin، أنظمة الصواريخ المضادة للدبابات المحمولة على الكتف، والتي كانت مألوفة بالفعل للجيش الأوكراني، حيث حصلت أوكرانيا سابقا على عشرات منها. وبدأت قاذفات القنابل اليدوية NLAW وأنظمة صواريخ Stinger للطيران، المحمولة على الكتف المضادة، في الوصول. ناهيك عن ألمانيا، التي اقتصرت مساعدتها في البداية على الخوذات ومستشفى ميداني، وبعض البلدان الأخرى التي لم تكن في عجلة من أمرها بالأسلحة وكانت تنتظر لمعرفة ما إذا كانت أوكرانيا ستتمكن من النجاة.

مضاد الطائرات المحمول على الكتف “ستينغر”

بعد بدء الغزو الروسي الشامل، تغير الوضع مع المساعدات العسكرية. تلقت أوكرانيا ما يقرب من 1.5 مليار دولار من المساعدات العسكرية من شركاء غربيين، وأرسلت كندا طائرة محملة بالأسلحة. في آذار / مارس، وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن قرارًا بتزويد كييف بمساعدة عسكرية طارئة تزيد قيمتها على 13.5 مليار دولار. وفي الوقت نفسه، اشترى الاتحاد الأوروبي، ولأول مرة في تاريخه، ذخائر وأسلحة لأوكرانيا بمبلغ 300 مليون يورو.

عندما بدأ الغزو وصمد الجيش الأوكراني في الأيام الأولى، كان لدى حلفاء أوكرانيا سؤال حول ضرورة تقديم شيء آخر بالفعل. يبدو أن الخطوة الأولى كانت عندما حصلت أوكرانيا على مدفعية ثقيلة – أمريكية وأوروبية. هذه كانت لحظة مهمة.

في أبريل 2022، أصبح معروفًا أن المملكة المتحدة ستزود أوكرانيا بمركبات مدرعة، والولايات المتحدة ستزودها بأنظمة مضادة للطائرات. وفي مايو، وقع جو بايدن قانون “لاند – ليز” لأوكرانيا.

في 22 أبريل 2022، دعا وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن ممثلي 40 دولة حليفة للاجتماع في ألمانيا، في قاعدة رامشتاين العسكرية، لمناقشة الاحتياجات الأمنية طويلة الأجل لأوكرانيا خلال الحرب.

وقد تم بالفعل عقد حتى الان 14 اجتماعا لمنصة “رامشتاين” منذ بداية الغزو الشامل، وفي كل منها، تم اتخاذ قرارات مهمة بشأن توريد الأسلحة إلى كييف.

لقد جلبت المقاومة الأوكرانية الإلهام إلى العالم وعزمًا أكبر لدى حلف الناتو. قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن: “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يتخيل أبدًا أن العالم سوف يلتف وراء أوكرانيا بهذه السرعة والثقة”.

إحدى نقاط التحول في الحرب هي تقديم راجمات الصواريخ من طراز HIMARS لأوكرانيا في شهر يوليو 2022. حينها فقط بدأت القوات لأوكرانيا في الوصول إلى مواقع القوات الروسية على مسافة 80 كيلومتر. وفي أغسطس من العام الماضي، نقلت سلوفاكيا أربع منصات مدفعية من طراز Zuzana 2 إلى أوكرانيا.

راجمة صواريخ من طراز “هايمارس”

في الواقع، في الأشهر الأولى من الحرب، كان هناك تدمير كامل للنظام اللوجستي للقوات الروسي. لاحظ الأمريكيون كيف تستخدم القوات الأوكرانية أنظمة HIMARS بطريقة غير نمطية، لأنها مصممة لتدمير اهداف نقطية، وفي الوقت نفسه كانت القوات الأوكرانية تدمر مستودعات كبيرة، مقرات على مستوى قيادة العمليات. كان على القوات الروسية إعادة بناء نظام الدفاع الخاص بهم.

في نهاية سبتمبر 2022، سلمت الولايات المتحدة أنظمة NASAMS المضادة للطائرات إلى كييف، وأعلنت عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة بأكثر من مليار دولار. حتى نهاية العام تقريبًا، زود الحلفاء أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي. على وجه الخصوص، في أكتوبر، سلمت ألمانيا نظام الدفاع الجوي IRIS-T.

نظام الدفاع الجوي IRIS-T.

إن استئناف الضربات الروسية الصاروخية المكثفة على العاصمة كييف والعديد من المدن الأخرى يسلط الضوء على مدى أهمية تزويد أوكرانيا بالمزيد من أنظمة الدفاع الجوي بسرعة. وقالت وزيرة الدفاع الألمانية كريستينا لامبرخت “الآن نقدم دعمًا خاصًا بوسائل لمواجهة التهديد الجوي”.

زودت إسبانيا أوكرانيا ببطاريات من نظام صواريخ Aspide المضاد للطائرات وأربعة أنظمة دفاع جوي من طراز Hawk. بالإضافة إلى ذلك، تزود بريطانيا أوكرانيا بصواريخ Brimstone 2 عالية الدقة، وفي ديسمبر أصبح معروفًا أن أوكرانيا ستتلقى نظام الدفاع الجوي الفرنسي Mamba.

بعد زيارة عمل قام بها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الولايات المتحدة، قررت الدول نقل الدفاع الجوي باتريوت إلى أوكرانيا.

منظومة الدفاع الجوي “باتريوت”

ان إرهاب الطاقة الذي بدأه الكرملين في فترة الخريف والشتاء، ربما كان بمثابة صدمة لحلفاء أوكرانيا. لقد بدأوا في إرسال أنظمة دفاع جوي حديثة ومن الطرازات القديمة، لكن أنظمة الدفاع الجوي الغربية، كانت نقطة تحول. جنبا إلى جنب مع “جيبارد” الالمانية حصلت أوكرانيا على IRIS-T – هذه هي أحدث أنظمة الدفاع الجوي الألمانية، التي لم تكن حتى في الخدمة مع الجيش الألماني، وكان نقل مجمعات باتريوت الأولى تتويجًا لهذه العملية.

في يناير، تم الإعلان أن بولندا ستنقل دبابات “ليوبارد”، المانية الصنع، إلى أوكرانيا. وبعد ذلك، في المرحلة الأولى، ستزود ألمانيا أوكرانيا بـ 14 دبابة “ليوبارد 2″، وستقدم بريطانيا دبابات “تشالنجر 2”. في فبراير، وافقت ألمانيا على تقديم 178 دبابة “ليوبارد 1”.

كما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن الولايات المتحدة تعتزم نقل دبابات “أبرامز إم 1” إلى أوكرانيا. سيكمل حوالي 200 جندي من القوات الأوكرانية التدريب على قيادة هذه الدبابات بنهاية الصيف، وقد تكون الدبابات نفسها في أوكرانيا هذا الخريف.

حسب المعلومات المتوفرة فان دبابات “تشالنجر 2″لم تظهر في المعارك. بينما شاركت دبابات “ليوبارد 2″، وكان هناك بعض الخسائر التي تكبدتها القوات الأوكرانية منها. لكن يمكن اقتباس كلمات جندي في إحدى دبابات “ليوبارد”، التي نجا طاقمها بالفعل مرتين. لقد تضررت وتم إجلاء الدبابتين لإصلاحها، لكن الطاقم نجا. في الدبابات الغربية، يتم إيلاء المزيد من الاهتمام لقضية نجاة طاقم الدبابة، وهذا مهم جدًا بالنسبة للقوات الاوكرانية، فحياة كل جندي غالية جدا، وهم ليسوا “وقودًا للمدافع” كما في القوات الروسية

حاليًا، يعمل “تحالف الطائرات” على نقل مقاتلات F-16 الأمريكية إلى أوكرانيا. وانضمت إليه كل من بريطانيا والدنمارك وهولندا وبولندا والسويد وبلجيكا وفرنسا والولايات المتحدة كدولة مصنعة. وترأسها هولندا والدنمارك اللتان أعلنا عزمهما تدريب طيارين أوكرانيين.

أعرب الرئيس فولوديمير زيلينسكي عن أمله في أن تبدأ التدريبات الأوكرانية في أغسطس 2023، وأن تتمكن أوكرانيا من استلام الطائرات في غضون ستة أشهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *