“داعش” الروسية – تهديد غير مسبوق للبشرية جمعاء

“داعش” الروسية – تهديد غير مسبوق للبشرية جمعاء

د. سعيد سلام

مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية

12/4/2023

جريمة أخرى يجب أن يطلع عليها العالم بأسره، حيث ظهر مقطع فيديو مرعب على الإنترنت لجنود روس يقومون بإعدام أسير حرب أوكراني – قطعوا رأس الجندي الأوكراني الأسير بسكين، بعد تعذيبه. والصوت في التسجيل يقول إنه فعل ذلك مرارًا وتكرارًا من قبل.

 وتعليقا على هذا الفيديو قالت نائبة وزير الدفاع آنا ماليار انهم “يبذلون قصارى جهدهم لمعرفة هوية الأسير المتوفى، ومنذ الدقائق الأولى لظهور فيديو إعدام الجندي الأوكراني على يد وحوش روسية، تدرس جميع الدوائر الأوكرانية المختصة الفيديو بعناية إطارًا تلو الآخر من أجل التعرف على مجرمي الحرب”.

بينما قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف حول مقطع الفيديو الذي ظهر: “اللقطات على الشبكات الاجتماعية لقطع رأس جندي مروعة، نحتاج إلى التحقق من صحتها”.

طبعا ستقوم السلطات الأوكرانية بالتحقيق في هذه الجريمة مثل باقي الجرائم التي ارتكبتها، وما زالت ترتكبها بشكل يومي، القوات الروسية بحق المدنيين والجنود الاوكرانيين، حيث إن إعدام الاسرى جريمة حرب خطيرة، وانتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف والقانون الإنساني الدولي.

ليست الجريمة الروسية الاولى

من الجدير بالذكر ان هذه ليست المرة الاولى التي تقوم بها القوات الروسية بإعدام أسرى الحرب. حيث، كما يذكر الجميع، ظهر في يوليو 2022 تسجيل فيديو لتعذيب وحشي لجندي اوكراني آخر، في نفس الوقت الذي ارتكب فيه الروس جريمة قتل جماعي ضد أسرى الجيش الاوكراني في معتقل أولينيفكا. وفي مارس / آذار، شاهدنا كيف تم إطلاق النار على جندي أوكراني أعزل لقوله “المجد لأوكرانيا”. بالإضافة الى حادثة قيام جنود روس بعملية “اخصاء” لأسير أوكراني منذ عدة أشهر. مما يشير بشكل واضح ان ارتكاب هذه الجرائم وتسجيلها يمكن اعتباره عملا منهجيا في الجيش الروسي. وان قيام الجنود الروس بنشر هذه التسجيلات على النطاق العام يؤكد ان هذه الممارسات يتم مباركتها من قبل القيادات العسكرية العليا في الجيش، حيث لا يتم التحقيق بها ومعاقبة مرتكبيها.

فيما نجد على الطرف المقابل ان الجنود الأوكرانيون يتقيدون بصرامة بقوانين الحرب وأعرافها، ولا يرتكبون جرائم حرب، ويهتمون بالاحتفاظ بالأسرى من الجيش الروسي لكي يتم تبادلهم مع الاسرى الاوكرانيين. وفي حال ظهور معلومات حول انتهاكات من بعض الجنود في الجيش الاوكراني يتم مباشرة فتح تحقيق بالحادثة ومعاقبة مرتكبيها في حال ثبوت الواقعة.

ذكرت مصادر اوكرانية إن الاحتلال الروسي قام بتنفيذ عمليات قطع الرؤوس في وقت مبكر من عام 2014. حيث، روى مهجرون قسريون، من منطقة الدونباس، قصصًا مروعة حول كيفية قيام الجيش الروسي بقطع رؤوس الأسرى الأوكرانيين، وليس فقط الأفراد العسكريين، ولكن أيضًا المدنيين، بعد قيامهم  بسرقتهم وتعذيبهم. هذه القسوة شهدها أناس تمكنوا بأعجوبة من النجاة من هذه الممارسات.

“لم يتم قطع رؤوس الرجال فقط، ولكن أيضا النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب قبل القتل. على سبيل المثال، حدث هذا في قرية نوفوسفيتليفكا، فيي اقليم لوغانسك في عام 2014”.

ووفقًا لشهادة السكان المحليين، اغتصب المقاتلين الشيشان، من قوات الزعيم الشيشاني رمضان قاديروف، وقتلوا بوحشية العديد من العاملات الطبيات في المستشفى المحلي في القرية. وذكروا أن إحدى النساء، التي تمكنت من الفرار ورؤية كل شيء بأم عينيها، ماتت بعد فترة وجيزة، “بسبب الإرهاق العاطفي والصدمة النفسية”.

كما أخبر أحد ضباط القوات المسلحة الصحفيين بحقائق حول قطع الرؤوس، التي شاهدها من خلال منظار سلاحه، قائلاً: “بالطبع لم يكن لدينا دليل بالصور أو الفيديو على هذه الشهادات، لذلك لم نعلن عن مثل هذه الموضوعات ولم نركز بحثنا عليها. ولأن من الصعب للغاية إثبات جرائم الحرب هذه، إذا لم يسجلها أي من الشهود أو المشاركين في الحدث بالفيديو”.

من ناحيتها كتبت قناة CNN الأمريكية أنها عثرت على مقطعي فيديو على الأقل على الشبكة الاجتماعية، يصوران جنودًا أوكرانيين مقطوعي الرأس.

الفيديو الأول، الذي نُشر على شبكة اجتماعية موالية لروسيا في 8 أبريل، صوره مرتزقة روس من ميليشيا “فاغنر”. وهي تظهر جثث مقطوعة الرأس لجنديين ملقاة على الأرض بجوار مركبة عسكرية مدمرة. ذكر المقال أيضًا أن أيدي القتلى قُطعت أيضًا، وانه هناك صوت في خلفية الفيديو يقول “قتلناهم.. تقدمنا إليهم وقطعنا رؤوسهم”.

الفيديو الثاني الذي ذكرته СNN تم نشره على موقع تويتر مع تشويش شديد. إذا حكمنا من خلال أوراق الشجر الموجودة في الفيديو، فقد تم التقاطها في الصيف. ويُظهر كيف قطع مقاتل روسي رأس جندي أوكراني بسكين.

في الغالب أن مقاطع الفيديو الخاصة بهذه الجرائم تظهر على الإنترنت في حال هرب أحد الشركاء في الجريمة أو قام بالخيانة، أو تم العثور على الفيديو على هاتف القائد العسكري الذي تمت تصفيته بالفعل وقرروا نشره على الإنترنت. ربما يكون مرتكبو هذه الجرائم قد ماتوا بالفعل. بالإضافة الى احتمالية قيام منفذي هذه الاعمال الاجرامية الشنيعة بإرسال التسجيلات لأصدقائهم بقصد التفاخر، وعبرهم يتم انتشارها.

إن نشر تسجيلات مروعة مثل هذه عبارة عن عملية روسية نفسية تهدف الى ترهيب الأوكرانيين. لكن بدلاً من ذلك، لن تؤدي إلا إلى زيادة الغضب والاصرار لدى الأوكرانيين من اجل المقاومة والصمود وتحرير أراضيهم المحتلة.

ردود فعل أوكرانية:

“هذا الفيديو يمثل روسيا كما هي”؛

“دليل جديد على الفظائع التي يرتكبها الجيش الروسي“!

“روسيا أسوأ من داعش“؛

“يجب على العالم أن يستجيب بشكل مناسب!”

علق الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي على هذه جريمة قطع رأس الأسير الأوكراني، والذي يتداوله الروس على الإنترنت منذ الامس، قائلا في فيديو نشره اليوم قائلا: “هناك شيء لا يمكن لأي شخص في العالم تجاهله”. وشدد على أن “هذا الفيديو يمثل روسيا كما هي، والتي تحاول ان تجعل منه الوضع الطبيعي الجديد – عادة تدمير الحياة. هذ ليس مصادفة وليس امر عابر، ويجب على الجميع الرد”. وأشار زيلينسكي إلى أن “أوكرانيا لن تنسى ولن تغفر للقتلة، وسيتحملون المسؤولية القانونية عن كل شيء”. وأضاف الرئيس الأوكراني إنه من الضروري العمل الآن – التركيز على الجبهة وطرد المحتل من أرضنا”.

فيما قال وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا: “روسيا، وهي أسوأ من داعش، ترأس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. يجب طرد الإرهابيين الروس من أوكرانيا والأمم المتحدة ومحاسبتهم على جرائمهم”.

ونشر مدير مكتب الرئيس اندريه يرماك رسالة مفادها “سيكون هناك رد ومسئولية على كل شيء”. وأضاف “لا ينبغي لدولة إرهابية أن تترأس مجلس الأمن ولا ينبغي ان تملك حق النقض”.

بينما طرح مستشار الديوان الرئاسي ميخايلو بودولياك سؤالا في تعليقه على فيديو الجندي الأوكراني، الذي قطع رأسه الجنود الروس: “ربما “حفظة السلام” الذين يعرضون علينا باستخفاف “مبادلة الأراضي مقابل السلام” سيشتمّون أخيرًا الرائحة الحقيقية لـ “العالم الروسي”؟

وأعلن رئيس جهاز الامن الاوكراني فاسيلي ماليوك في تعليقه على مقطع الفيديو: “بدأت إدارة أمن الدولة تحقيقا مبدئيا في جريمة حرب بموجب المادة المتعلقة بانتهاك قوانين وأعراف الحرب”. واكد قائلا: “سنجد هؤلاء الوحوش. إذا لزم الأمر، سنصل إليهم في كل مكان، أينما كانوا- من تحت الأرض أو من العالم الآخر. لكنهم بالتأكيد سيعاقبون على ما فعلوه”.

من ناحيته قال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو: “لقطات فيديو لإعدام المدافع الأوكراني بوحشية على يد الروس تجعل الدم يسيل ببرودة … مع فظائعها ضد الأوكرانيين، تُظهر روسيا موقفها تجاه العالم المتحضر بأسره. ويجب على العالم أن يدرك أخيرًا ما هو شكل “وجه” المعتدي الروسي. والرد بشكل مناسب! روسيا تخلق مثل هذا الرعب في كل مكان تذهب إليه. يجب إيقاف الوحش ومعاقبته، وليس استرضائه!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *