زيارة وزير الخارجية السعودي إلى كييف تحمل مغزى سياسي هام

زيارة وزير الخارجية السعودي إلى كييف تحمل مغزى سياسي هام

د. سعيد سلّام

1/3/2023

إن العدوان الروسي ليس فقط مشكلة لأوكرانيا والغرب ، بل إنه تهديد لجميع الدول التي تعيش بسلام و لا تشكل اي تهديد لجيرانها، ولا تشكل اي تهديد إقليمي او عالمي. حيث انه من خلال تدمير الحياة السلمية في بلد واحد ، تتسبب روسيا بأضرار كبيرة، بشكل غير مباشر، للجميع حول العالم.

و من جانبها، فإن أوكرانيا صادقة في تعاطفها ورغبتها في المساعدة في حل مشكلة الأمن الغذائي لشعوب الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا وأمريكا اللاتينية، حيث قدمت مبادرة “الحبوب من أوكرانيا” و التي يتم عبرها تقديم مئات آلاف الاطنان من الحبوب للدول الفقيرة مجانا، رغم حاجتها للأموال لتغطية بعض خسائر الحرب الشاملة التي تشنها روسيا عليها منذ اكثر من عام. كذلك يُظهر المستوى العالي من الدعم لأوكرانيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة أن هذا التعاطف متبادل.

و في هذا الاطار تشير زيارة وزير خارجية المملكة العربية السعودية، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، إلى انفراج في العلاقات الأوكرانية – السعودية. حيث من الجدير بالذكر ان هذه الزيارة الرسمية الأولى على الإطلاق لمسؤول حكومي سعودي إلى أوكرانيا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 14 أبريل 1993.

خلال الزيارة التقى وزير الخارجية السعودي بالرئيس فولوديمير زيلينسكي والفريق الرئاسي. و تم الاعلان عن تقديم مساعدة لأوكرانيا من المملكة العربية السعودية ، التي تعتبر أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط.

حيث تم التوقيع على وثيقتين في مكتب الرئيس لإضفاء الطابع الرسمي على تقديم حزمة مساعدات بقيمة 400 مليون دولار لأوكرانيا: 100 مليون دولار كمساعدات إنسانية، و منتجات نفطية بقيمة 300 مليون دولار.

على وجه الخصوص ، يتم الحديث عن البرنامج المشترك للتعاون مع مركز الملك سلمان للمساعدات الإنسانية ومذكرة التفاهم مع صندوق التنمية السعودي.

وهنا يجب القول أيضًا بأن المملكة العربية السعودية قد دعمت قرار الأمم المتحدة بشأن السلام المستدام في أوكرانيا قبل أيام قليلة. وهي خطوة مهمة جدا بنظر الجانب الاوكراني.

من المهم أيضا فهم ان أوكرانيا والمملكة العربية السعودية لديهما تحديات مشتركة وخبرات في التعامل معها. المقصود هو الطائرات المسيرة إيرانية الصنع ، التي تم بواسطتها تنفيذ هجمات على منشآت نفطية في السعودية.

منذ العام الماضي ، أصبحت نفس هذه الطائرات المسيرة الانتحارية الإيرانية في حوزة القوات الروسية وتقوم بواسطتها بهجمات على البنية التحتية الأوكرانية و خصوصا قطاع الطاقة. مما يعني ان الطرفين يتشاركان تجربة التصدي لهذه الطائرات.

من ناحية أخرى لا تزال المملكة قادرة على الحفاظ على توازن في علاقاتها الثنائية مع روسيا وأوكرانيا ، حيث تقدم مساعدات إنسانية كبيرة إلى كييف ، ولكن في الوقت نفسه تحافظ على علاقة عمل متبادلة المصالح مع موسكو. مثل هذا الموقف يسمح لها بلعب دور الوسيط والمفاوض بين موسكو وكييف ، وهو ما تم الإبلاغ عنه عدة مرات من قبل.

لكن يجب أن لا ننسى العامل الإيراني الذي يتم النظر اليه بقلق شديد في الرياض. قد يؤدي أي تعميق للعلاقات بين موسكو وطهران ، لا سيما في مجال التعاون العسكري التقني (الذي تتزايد التقارير عنه) ، إلى تغيير ميزان العلاقات بين روسيا الاتحادية والمملكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *