عشية الاجتماع في جدة – كيف هي المملكة العربية السعودية اليوم؟

عشية الاجتماع في جدة – كيف هي المملكة العربية السعودية اليوم؟

أناتولي بترينكو – سفير أوكرانيا لدى المملكة العربية السعودية

ترجمة وإعداد د. سعيد سلام، مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية

4/8/2023

هل ستكون الدولة الرئيسية في الشرق الأوسط قادرة على المساعدة في تنفيذ صيغة السلام الأوكرانية؟

سيبدأ يوم السبت، 5 أغسطس 2023، في مدينة جدة السعودية اجتماع للمستشارين السياسيين والأمنيين لقادة الدول بشأن تنفيذ المبادرة الأوكرانية لاستعادة السلام المستقر والعادل. في مقالته لوكالة الانباء الأوكرانية Ukrinform، يشارك سفير أوكرانيا في المملكة العربية السعودية، أناتولي بترينكو، أفكاره حول السياسة والاقتصاد والوضع مع حقوق المرأة والحرية الدينية في المملكة العربية السعودية، فضلاً عن تطوير العلاقات الثنائية مع أوكرانيا، ولماذا ستستضيف هذه الدولة المشاركين في الاجتماع.

المملكة العربية السعودية الحقيقية والحديثة

تقليديا، يُنظر إلى المملكة العربية السعودية على أنها دولة ذات رفاهية عالية، ومخزونات نفطية لا تنضب، حيث تسود الأنظمة المحافظة ويشعر التطرف الأصولي بحريته. هناك أيضًا رأي سائد مفاده أن السكان الذين يعيشون في المملكة مكبلون بأعراف اجتماعية وقانونية صارمة ومثقلون بمعتقدات دينية صارمة وغير مرنة.

فعليا، يُظهر الواقع حالة مختلفة. تشكلت هذه الصور النمطية المألوفة و “المريحة” في مجتمعنا لعقود من الزمان، وبسبب القصور الذاتي لا تزال موجودة في الرأي العام وتنتشر في الفضاء الإعلامي الأوكراني، مما يدعم الانطباع المحافظ الذي عفا عليه الزمن عن البلد الشرق الأوسطي.

نعم، كثيرًا ما نسمع أن النساء في البلد المسلم، وخاصة في المملكة، ليس لهن أي حقوق وعليهن أن يطيعن تمامًا الجزء الذكوري من الأسرة (الأب، الزوج، الأخ). تنتشر بشكل غير معقول الصورة المشوهة للمجتمع السعودي، حيث يبدو أن قسمًا معينًا من السكان يستمر في العيش في الصحراء، دون فوائد الحضارة وفي فقر مدقع، بينما يمتلك الآخر ثروة لا تضاهى ومفرطة، ولا تقيد نفسها من أى أي أهواء ونزوات. إن الأمر المثير للإرباك بشكل خاص هو الاعتقاد السائد حول المستوى العالي من المشاعر الراديكالية في البلاد، وعدم قبول الأديان الأخرى غير الإسلام، والموقف المتعاطف على ما يبدو مع “فكرة الإرهاب”، وبالتالي هذا يعني ان الوضع خطير مليء بالجرائم في المملكة ومخاطر خاصة للأجانب المقيمين فيها.

أثناء عملي في المملكة، أتيحت لي الفرصة مرارًا وتكرارًا لرؤية تحيز وتقادم مثل هذه الآراء. دفع التقدم والعولمة البلاد إلى تحول جذري ومنهجي. أكثر العمليات المميزة التي تحدث في المملكة العربية السعودية الحديثة هي التحرير الاجتماعي والإصلاح المؤسسي والتنويع الاقتصادي. تقوم الدولة بالتحديث، واستخدام الخبرات الأجنبية المهنية وتظهر نجاح ملموس في تحول المؤسسات العامة.

الاقتصاد الأكثر ديناميكية بين مجموعة الـ 20 الكبرى!

وفقًا لصندوق النقد الدولي، أظهرت المملكة العربية السعودية في عام 2022 أسرع تطور اقتصادي بين دول مجموعة العشرين. وبفضل نمو أرباح تجارة النفط وتوسع حصة القطاع غير النفطي، بلغ معدل النمو الاقتصادي للبلاد 8.7٪. إضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الدولة حفزت نمو الاستهلاك الخاص وتواصل تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية في إطار خطة التنمية الوطنية “رؤية المملكة العربية السعودية – 2030”.

الهدف الرئيسي للخطة الطموحة “رؤية – 2030” هو تنويع اقتصاد الدولة وتقليل اعتمادها بشكل كبير على الإيرادات التي تحصل عليها المملكة من تجارة الموارد الطبيعية الوطنية. بحلول عام 2030، تخطط المملكة لزيادة حصة الصادرات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 50٪. تدعم الخطة الوطنية تنمية القطاعات الاقتصادية الواعدة وتحفز تدفقات الاستثمار الإضافية إلى الدولة.

انطلاقاً من الرغبة في زيادة التنويع وزيادة فرص العمل، طورت الحكومة برنامج IKTVA (In-Kingdom Total Value Add – إجمالي القيمة المضافة داخل المملكة)، والذي ينص على تطوير الاتجاهات الصناعية والاقتصادية الاستراتيجية في إقليم المملكة عبر توطين أكثر كثافة للصناعة والإنتاج.

يحظى تطوير قطاع التعدين باهتمام خاص من قيادة المملكة: فقد تم إنشاء شبكة من المدن الصناعية، وتم إدخال نظام استثماري قطاعي منفصل، وتم إنشاء البنية التحتية اللوجستية.

قامت المملكة العربية السعودية بتوسيع قطاع الطاقة المتجددة، مما يدل أيضًا على اهتمام المملكة المتزايد بالقضايا البيئية. تهدف مبادرات المملكة العربية السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر التي تم تنفيذها مؤخرًا إلى معالجة تغير المناخ وتسريع الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة. وتتوخى البرامج خفض انبعاثات الكربون في المنطقة بنسبة 60٪ نتيجة زيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة وزراعة 50 مليار شجرة (منها 10 مليارات في أراضي المملكة) وزيادة مساحة المحميات الطبيعية. تخطط المملكة العربية السعودية لإنتاج 50٪ من طاقتها من مصادر متجددة بحلول عام 2030. في عام 2021، أعلن ولي العهد عن خطط المملكة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى الصفر بحلول عام 2060.

تركز الدولة جزء كبير من جهودها على زيادة جاذبية الدولة بين الجماهير الأجنبية. تحتل مجالات السياحة والترفيه مكانة رئيسية في هذا الاتجاه. قامت الدولة بتطوير وتنفيذ إستراتيجية خاصة: تم إنشاء صندوق التنمية السياحية، وتم البدء في تنفيذ الأجندة اليومية الرقمية، وإدخال تأشيرات من النوع السياحي، وإيلاء اهتمام خاص لتطوير المواقع والمرافق السياحية. وبفضل هذه الإجراءات، تخطط المملكة لزيادة حصة الدخل من السياحة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 10٪ وتوفير مليون فرصة عمل إضافية.

تتطور صناعة الألعاب الالكترونية بوتيرة ملحوظة. في المملكة، حيث 70٪ من السكان تحت سن 35، هناك حوالي 23.5 مليون لاعب. وفقًا لبريان وارد، الرئيس التنفيذي لمجموعة Savvy Gaming Group، وهي شركة سعودية رائدة في مجال الألعاب، يمكن للرياضات الإلكترونية المساهمة بأكثر من 13 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بحلول عام 2030 وتوفير 39000 فرصة عمل إضافية.

يتم تنفيذ سياسة “السعودة” بمعدل مرتفع في البلاد، مما يوفر زيادة في حصة القوى العاملة من عدد المواطنين السعوديين. في عام 2022، أطلقت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية المرحلة التالية من برنامج التوطين، الذي يخطط لخلق ما مجموعه 170 ألف فرصة عمل جديدة في مجالات السياحة والصناعة والرعاية الصحية والخدمات اللوجستية والنقل والعقارات والإمداد، البناء والتجارة، إلخ.

قيادة الدولة تراهن على زيادة عنصر تكنولوجيا المعلومات في النمو الاقتصادي. تلعب المعرفة والابتكار دورًا مهمًا في زيادة القدرة التنافسية للاقتصاد ومكوناته. المملكة العربية السعودية بصدد إنشاء البنية التحتية التكنولوجية المبتكرة اللازمة (المدن الاقتصادية، ومراكز البحوث والمختبرات، وما إلى ذلك) والقوى العاملة المؤهلة تأهيلا عاليا (المؤسسات التعليمية، ومعاهد التدريب، وما إلى ذلك)، مما سيجعل من الممكن زيادة تعزيز الاتجاه الاقتصادي.

المجتمع: تغيرات تاريخية

في سبتمبر 2019، فتحت المملكة أبوابها للسياح من 49 دولة. كانت أوكرانيا من بينهم. هذه في الواقع لحظة تاريخية لمجتمع محافظ لم يجرؤ لفترة طويلة على الكشف عن نفسه وبلده للعالم. لكن مواطني المملكة العربية السعودية اليوم يستقبلون بكل سرور وحسن ضيافة الأجانب وممثلي الديانات والمعتقدات والتقاليد والثقافات الأخرى على أرض المملكة العربية السعودية.

يغطي التحرير تدريجياً جميع مجالات حياة رعايا المملكة، وقد كان له بالفعل تأثير على مكانة المرأة في المجتمع.

تحصل النساء السعوديات على المزيد والمزيد من فرص العمل: في عام 2022، شكلت النساء من السكان 36٪ من إجمالي القوى العاملة في البلاد، وهو ما يزيد بنسبة 6٪ عن الرقم المخطط للوصول إليه بحلول عام 2030. في عام 2019 تم السماح بخدمة المرأة في القوات المسلحة للمملكة العربية السعودية، وفي عام 2021 تم الانتهاء من تدريب أول دفعة من النساء العسكريات. يتم شغل المناصب الإدارية العليا في نظام إدارة الدولة تدريجياً بالموظفات. تم تعيين النساء في مناصب نائب وزير الخارجية ووزيرة السياحة والأمين العام لمجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية. هذا العام، انضمت أول رائدة فضاء سعودية، ريانا برناوي، إلى استكشاف الفضاء الخارجي من خلال المشاركة في مهمة إلى محطة الفضاء الدولية.

في عام 2018، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز مرسوماً يسمح للمرأة بقيادة السيارة. كان من أعلى الأحداث التي غيّرت بشكل جذري موقع المرأة السعودية في نظر المجتمع، ولا سيما من جانب الرجل.

تتوسع حقوق المرأة أيضًا في إطار الإصلاح القانوني متعدد المستويات الجاري في قانون الأسرة: دخل قانون “الأحوال الشخصية” حيز التنفيذ العام الماضي، مما يعزز حقوق المرأة المتعلقة بحضانة الأطفال ويوسع الكتلة القانونية التي تهدف إلى حماية حقوق ومصالح الطفل.

ليس سراً أن الدين كظاهرة واتجاه للعقيدة هو جزء لا يتجزأ من حياة المسلمين. بل أكثر من ذلك، يُشَبّع الإسلام حرفياً كل مجال من مجالات الحياة في المجتمع، وتنتمي العلاقة الروحية للمسلم مع الله سبحانه وتعالى إلى سر خاص وشخصي. المواطنون السعوديون ليسوا استثناءً: فهم يقضون كل يوم في التقيد الصارم بجميع الوصفات والشرائع الدينية الإلزامية. في الوقت نفسه، فإن موقفهم المسؤول والحساس بشكل خاص تجاه التعليمات الإسلامية لا يشير إلى عدم التسامح تجاه الأديان الأخرى. تُظهر الدراسات الاجتماعية الأخيرة تصورًا إيجابيًا من قبل المسلمين في المملكة العربية السعودية لفكرة التنوع الديني وآفاق اندماج واسع للثقافات الأخرى في البيئة العامة للمملكة.

وفي هذا المجال يتميز “مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني”، الذي يروج لنشر ثقافة الحوار واحترام المظاهر الثقافية المختلفة، مع الحفاظ في نفس الوقت على الوحدة الوطنية وتعزيز التفاعل التواصلي الفعال على المستويين المحلي والدولي.

وتجدر الإشارة إلى منتدى “القيم المشتركة بين أتباع الاديان” الذي انعقد في الرياض عام 2022. في هذا الحدث، ولأول مرة في تاريخ المملكة، حضر ممثلو أديان العالم الرئيسية الخمس: المسيحية والإسلام واليهودية والبوذية والهندوسية. كان الهدف الرئيسي للمنتدى هو تحديد القيم المشتركة بين الممثلين الدينيين وتطوير رؤية لسبل تعزيز التفاهم المتبادل والتعاون والتضامن فيما بينهم.

 استراتيجية السياسة الخارجية

تبني المملكة العربية السعودية بثقة صورة زعيم إقليمي يهتم بالاستقرار والأمن في الشرق الأوسط ويظهر الاستقلال في التعامل مع التهديدات والتحديات المحلية. ويتجلى ذلك بشكل خاص في مثال عملية تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية هذا العام، والتي تهدف إلى إنهاء المواجهة طويلة الأمد بين الدولتين وتقليل التوترات في المنطقة. وكانت الخطوة الثانية هي إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، وتجديد عضويتها الكاملة في جامعة الدول العربية، والعودة إلى الأسرة العربية. لقد تجرأت المملكة العربية السعودية، رغم اعتراضات المجتمع الدولي، على قيادة هذه العملية. في السنوات الماضية، كانت حالات إعادة العلاقات مع دول فردية أخرى في المنطقة، بما في ذلك قطر وتركيا، ليست أقل وضوحًا. جددت الرياض هذا العام العلاقات الدبلوماسية مع كندا، مما كان له تأثير إيجابي على صورة المملكة لدى الجماهير الغربية.

تُظهر الدولة مرونة عملية، وإيجاد شركاء مفيدين وتشكيل تحالفات ظرفية من أجل التغلب على بعض قضايا الأزمات على نطاق إقليمي. ومن المظاهر الأخرى للدبلوماسية السعودية، مشاركة المملكة جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة في تسوية الصراع الدائر في السودان، والذي يهدد بالتطور إلى منطقة عدم استقرار إقليمي، وبالتالي يتطلب إجراءات متضافرة وجماعية لتحييد عواقب غير مرغوب فيها.

إن استراتيجية تطوير السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية يتخللها عامل تعدد المحاور والأوجه. تحاول الدولة تنويع وتوزيع علاقات سياستها الخارجية من خلال إقامة وتكثيف التعاون مع اللاعبين الدوليين على نطاق غير محدود من الإنجازات.

بالنسبة لأوكرانيا، يعتبر اتجاه العلاقات الثنائية السعودية – الروسية مصدر قلق خاص. على خلفية الغزو الشامل للاتحاد الروسي لأوكرانيا، اتخذت القيادة السياسية للمملكة العربية السعودية موقف الحياد الإيجابي، واستمرت في التعاون مع كل من أوكرانيا والاتحاد الروسي، وفصلت قضايا جدول الأعمال السياسي والاقتصادي. لذلك، لا يمكن عدم ملاحظة تفاعل الرياض النشط مع موسكو، لا سيما في إطار أوبك بلس. من خلال التنظيم المشترك لسوق النفط، وإقامة علاقات تجارية واستثمارية جديدة، ومواصلة الاتصالات رفيعة المستوى، تؤكد المملكة العربية السعودية على موقفها: “الاعمال التجارية يجب أن تبقى أعمال تجارية”.

تطور العلاقات مع أوكرانيا

أدى الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، فضلاً عن تداعيات الحرب والحاجة إلى إيجاد شركاء جدد لتشكيل تحالف مناهض للحرب وضمان الدعم الدولي لردع عدوان العدو، إلى قيام أوكرانيا بتكثيف سياستها الخارجية في منطقة الشرق الأوسط.

في عام 2022، أجرى رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، ثلاث محادثات هاتفية مع ولي العهد، رئيس وزراء المملكة العربية السعودية، محمد بن سلمان. في فبراير 2023، تمت أول زيارة لوزير خارجية المملكة العربية السعودية إلى أوكرانيا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية الأوكرانية السعودية، وفي مايو من هذا العام، قام رئيس أوكرانيا بأول زيارة للمملكة خلال فترة رئاسته ولأول مرة في تاريخ بلادنا شارك في أعمال قمة جامعة الدول العربية.

خصصت المملكة ما مجموعه 410 ملايين دولار أمريكي كمساعدات عملية تهدف إلى تلبية الاحتياجات الإنسانية والطبية والطاقة لمواطنينا الذين عانوا من عواقب الغزو المسلح للاتحاد الروسي على أوكرانيا. وعلى نفس القدر من الأهمية، فإن دعم القيادة السياسية للدولة الشرق الأوسطية لموقف أوكرانيا على المستوى الدولي، لا سيما من خلال التصويت على القرارات الرئيسية للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تدين العدوان الروسي على أوكرانيا وتطالب بإنهائه على الفور.

تراقب أوكرانيا عن كثب النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية والإثراء الثقافي لشريكها في الشرق الأوسط. تبحث بلداننا بشكل مكثف عن أساليب جديدة للتفاعل العملي تعود بالفائدة على كلا الطرفين.

أغلى ما في دولتنا هو الناس. يتم التعرف على رأس المال البشري الأوكراني وإمكانياته في جميع أنحاء العالم. من الناحية العملية، أثبتت دولتنا مرارًا وتكرارًا ريادتها التكنولوجية والمبتكرة، لا سيما في مجالات تكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية للمعلومات والطب وإنتاج السلع والخدمات. المملكة العربية السعودية، التي تشهد تحديثًا سريعًا ومجهزة تقنيًا، تقوم بتنفيذ العديد من المشاريع الضخمة الواعدة التي تتطلب دعمًا مؤهلًا وخبيرًا. يمكن لتجربة وخبرة المتخصصين الأوكرانيين تلبية الاحتياجات الحالية للمملكة.

تقدر أوكرانيا التعاون التجاري والاستثماري المكثف الذي أقيم مع المملكة العربية السعودية في القطاع الزراعي والصناعي. إنه عنصر تنافسي في الاقتصاد الأوكراني وعنصر مهم من عناصر القوة الناعمة المحلية، مما يساعد على تعزيز صورة أوكرانيا كمركز غذائي للعالم. وفي الوقت نفسه، يتشارك بلدانا القلق العميق فيما يتعلق بالمخاطر والتهديدات التي يتعرض لها الأمن الغذائي للبلدان الضعيفة بشكل خاص في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط بسبب السياسة العدوانية للاتحاد الروسي. أوكرانيا مهتمة بانضمام المملكة إلى إجراءات المجتمع الدولي لاستعادة الإمداد المستقر لمخزون الغذاء الاستراتيجي من أوكرانيا وخلق ضمانات أمنية موثوقة في منطقة البحر الأسود.

في الوقت الحالي، يعتبر إعادة بناء الاقتصاد بعد الحرب واستعادة إمكاناته الاستثمارية قضية حادة وعاجلة لبلدنا. إن الفرص والمشاريع التي تقدمها أوكرانيا ستمهد الطريق لإحياء دولتنا وترسي الأساس لتاريخ النجاح الوطني. لدى المجتمع الدولي وكل عضو من أعضائه فرصة لإثبات قوة القانون الدولي ومؤسساته ومبادئه عمليًا. نقترح أن تنضم المملكة العربية السعودية، وهي أحد اللاعبين المؤثرين على الساحة الدولية، إلى هذه العملية، وتجني منها مكاسب عملية وسمعة.

إن إمكانات التعاون بين أوكرانيا والمملكة العربية السعودية كبيرة. إن تطوير العلاقات مع الدولة الرئيسية في الشرق الأوسط سيعزز بشكل كبير موقف أوكرانيا في المنطقة ويعزز التحالف ضد العدوان الروسي المستمر. لا توجد آفاق أقل أهمية في اتجاه تطوير المكون الاقتصادي لإطار التعاون الأوكراني السعودي. يفتح الاقتصاد الديناميكي للبلد الشريك آفاقًا وفرصًا جديدة للتفاعل التجاري والاستثماري متبادل المنفعة.

وفي الختام – حول أهم شيء. بفضل التحول الداخلي والنمو الاقتصادي والنجاحات في الدبلوماسية الإقليمية، قامت المملكة ببناء سلطة الدولة التي يمكن أن تخلق نقطة تحول لإطلاق تنفيذ صيغة السلام الأوكرانية. هذه هي الأولوية القصوى للدبلوماسية الأوكرانية، ونأمل أن يتم استعادة وحدة أراضي وسيادة أوكرانيا بالتعاون مع شركائنا السعوديين.