فلسطين بين التمثيل والتحرير

علم فسطين و التحرير

فلسطين بين التمثيل والتحرير

أحمد فراسيني – منسق المجلس الاوروبي الفلسطيني للعلاقات السياسية

19/3/2024

تفتقد المسميات الفلسطينية على اختلافها للشرعية التمثيلية للشعب الفلسطيني بينما تمتلك فصائل المقاومة شرعية تمثيل الإرادة الفلسطينية بالتحرر من الاحتلال الصهيوني والاستيطان الاحلالي.

بينما تسعى بعض الفصائل الفلسطينية دائما لان تكون ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني دون التحرر بسعي او بدون له.

ان هوس التمثيل يصيب هذه الفصائل كمرض عضال ربما، الزهايمر تارة او الشيخوخة المبكرة، او ربما جنون العظمة، ويدفع بها الى مواقع غريبة عنها.

على ما يبدو فان الفصائل الفلسطينية او بعضها تتناسى ان التمثيل الذي يبحثون عنه هو لشعب مكون من أكثر من أربع عشرة مليونا، وان هؤلاء يبحثون عن تمثيل إرادات وليس تمثيل سياسي سيادي في واقع يفرض عليه الاحتلال (بلا سيادة).

فكيف لهؤلاء البحث عن السيادة في جغرافيا سياسية بلا سيادة؟

تمثيل إرادة الشعب يأتي فقط بعد استفتاء الشعب حول نهج سياسي للتعامل مع واقعه، ولا يمكن لذلك ان يكون دون مشروع واضح ومقنع، او برنامج بدأ تيار ما بتحقيقه على الأرض.

لقد اوصلتنا التجاذبات السياسية السيادية الدولية و الإنجرارات الفلسطينية، او بعض الفلسطينية، خلف ارادات اجنبية لان تتمايز مفاهيم التمثيل والتحرر، فقد اصبح التمثيل (الشرعي)، بمفهوم الغرباء، يرتبط بالتنازل عن التحرر، فلا يمكن لمُطالب بالتحرر وساعي له بالمقاومة ان يصبح ممثلا رسميا للشعب الفلسطيني مكتسبا شرعيته من المنظومة الدولية.

في الاتجاه الاخر فان التحرر وقواه والعاملين عليه يفتقدون الى ما يسمى بالشرعية التمثيلية السياسية الضرورية، التي إن سعوا لها مخطئين فأنهم سيدخلوا دائرة الآخر الذي لا يشبههم. هذا لا يعني عدم حاجتهم لها، بل انها تظل ضرورية، ولكن ضمن محددات وطنية.

ولهذا كله، فالحل الوحيد هو التكامل بالأدوار ضمن مشروع وطني واحد، ان يظل المقاوم مقاوما والسياسي الذي يلهث خلف التسيد والتمثيل كما هو، لكن طبيعة المشروع المطلوب هي ان الشرعية الفلسطينية شرعية مشروطة بالتحرر والإبقاء على كل الأدوات لتحقيق ذلك، بغض النظر عن طرق استغلالها الإيجابي.

فلا يمكن التنكر لطرف من الأطراف ولنهج ما دون الاخر. لكن اذا اعتمدنا ان الوطن هو البوصلة، فلن تهم شعب يسعى الى التحرر كيف يريد العالم ان يرسم خارطته وشكله ولونه على طريقته. هذا القالب الدولي وجد كي لا يصل الفلسطيني لإحقاق حقوقه و إكتساب أو إنتزاع حريته.

المقاتل الفلسطيني هو إدخار وثروة فلسطينية عظيمة، وان كان معارضا، ويجب الاستثمار به واستخدام وجوده بدفعه الى ساحة القتال حينما لزم الامر، أو الإبتزاز السياسي بوجوده قويا مدعوما ببرنامج وطني.

السياسي الفلسطيني يجب ان يظل محتفظا ببزته العسكرية أسفل سريره المريح، او بخزانة سيارة موكبه، وأعني ان عليه ان يعي تماما ان وجوده يظل أداة عمل وطني كجزء من معركة تحرر، لن تتوقف الا بالتحرير، هو يغطي المقاتل بالبرنامج الوطني السياسي وهو من يسعى لتحقيق المكاسب التراكمية نحو التحرير وإدارة المعركة مع الاحتلال.

على الشعب الفلسطيني أيضا أدوارا مهمة في هذا المشروع، فهو المكلف الأول باختيار قياداته بشكل يتم الاتفاق عليه، انتخابات أو توافق أو استفتاء… وكل فرد بهذا المجتمع يجد لنفسه دورا نضاليا، فإما ضمن التنمية والبناء لهذا المجتمع، بدءا من الأم المربية وصولا الى المدرس و الإمام أو القس أو الحرفي، أو عليه ان يفرز أين سيلعب دوره النضالي، إما في المجال المدني أو السياسي أو العسكري المقاوم. كل ذلك لن يتحقق إلّا بمشروع وطني بمعنى الكلمة، يتخلى فيه المواطن عن لعب دور المواطن في الإمبراطورية الفلسطينية المستقلة. ويكون المواطن قابلا لكونه جزء من هذا المشروع وعليه واجبات، وله فيه حقوق ولديه القابلية للتضحية من أجل أرضه و بيته و أسرته ومستقبلهم.

كل ذلك يحتاج لأن يستفتى الشعب الفلسطيني على مشروع وطني متكامل وقيادة تضع الخطة العسكرية المقاومة يكون فيها الوزير والزعيم والجندي تكتيكا عملياتيا ضمن خطة استراتيجية.

الوضع الحالي أبعد ما يمكن عن كل ذلك، فالأمر يحتاج للعمل بكل الأدوات الممكنة من اجل تحقيقه و إن تنافسنا وتصارعنا مع رافضي المصلحة الوطنية من أجل ميزات مجبولة بدماء الشهداء.ش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *