فلسطين ومعركة الوعي!

فلسطين ومعركة الوعي!

أبو علي حسن

25/7/2023

 

اسرائيل تتآكل …!!

لكن لا أحد من الانظمة العربية، ومن ضمنه النظام الفلسطيني لديه رؤية لتعميق هذا التآكل، ولا امتلاك قرار سياسي أو أمني يمكن أن يستثمر هذا التآكل، وربما ليس هناك من يدرك طبيعة هذا التآكل، كونها أنظمة لم تزل مرعوبة من هزيمة ٦٧، أو مصدقة أن هذا الكيان لا يقهر، أو لديها حسابات الخسارة والتدخل الامريكي والدولي لصالح الكيان …

ثمة غياب للرؤية الاستراتيجية والتكتيكية.. وهذا الغياب مضى عليه خمسة وسبعون عاما … هي سنوات تقادم الكيان التي أعطته “شرعية التقادم” التي لطالما يبحث عنها في موسوعة كذب التوراة والتعاليم الصهيونية ومؤسسات البحث عن الآثار وتطبيقاتها بالجغرافيا الفلسطينية، ولم يستطع أن يجد هذه الشرعية “شرعية الزمان والمكان”، وطوع كل إعلام الغرب الامبريالي في إنكار التاريخ والجغرافيا الفلسطينية منذ الكنعانيين واليبوسيين وغيرهم، كي يجد لنفسه فراغا يملأه بشرعية تاريخية لإسرائيل المتخيلة، ولا زال يبحث عن هذه الشرعية التاريخية “العقدة السياسية”، ولم يجد إلا شرعية استعمارية من أمريكا والغرب الامبريالي .. بيد أن هذ الشرعية لم تزل ناقصه من وجهة نظره، فعمل المستحيل على أن يأخذ الشرعية من الانظمة العربية ومن فلسطينيين، هم أصحاب الحق الذين تاهوا في بحر الأوهام، فأخذت اليوم الشرعية من أنظمة التطبيع، وأخذ الشرعية من سنوات التقصير الفلسطيني والعجز والتقصير العربي على مدار سنوات النكبة، ولا زال التقصير العربي والحوَل السياسي والبلادة السياسية يفعل فعله في إنقاذ الكيان من ازماته، التي تصفها نخبه الفكرية والسياسية بالخطر الوجودي .. بل أكثر من ذلك تعطيه الانظمة العربية إكسير الحياة من حيث تعي أو لا تعي، فتطيل من عمره، وتضيع الفرص التاريخية لإغراق هذا الكيان في أزماته البنيوية.

ومن الطبيعي أن يقول قائل إنني ابالغ في تصوير الواقع الاسرائيلي وتوصيفه بعبارات التآكل والخطر الوجودي ارتباطا بمشهد ميزان القوة بين الكيان والعرب “ميزان متصور”!

فالضعف العربي ناتج عن ضعف المواجهة وليس ناتج عن ضعف الامكانيات، فالرجوع إلى ميزان القوة الأمني والعسكري بين الكيان والعرب هو لصالح العرب وليس لصالح الكيان، وميزان القوة المعنوية بين مجتمع الكيان والمجتمع العربي هو لصالح العرب، بيد أن هذا الميل في ميزان القوة لصالح العرب لا يساوي شيئا مع فقدان الارادة السياسية لدى الانظمة الحاكمة، فالكيان كان دائما يملك ارادة الهجوم وارادة المواجهة مع العرب رغم ضآلة عتاده من جنود وآليات، في حين كانت الانظمة العربية تخشى المواجهة لألف حساب وحساب، وارتباطاً بعدم يقينيتها بالانتصار رغم أن حرب تشرين التحريرية قد اثبتت جدارة الجندي العربي في الحرب، كما اثبتت أن القرار السياسي هو الفيصل في المعركة، فقرار السادات السياسي أوقف الاندفاعة للجيش المصري إلى عمق سيناء وخطوط المتلا والجدي.

وعليه ما الذي تثبته هذه الصورة من الأحداث والواقع الذي وصلنا اليه الان ….؟

لا زلنا أمام مستوى وعي بنيوي أقل من مستوى الوعي لدى الكيان في رؤيته لطبيعة الصراع!

أنها معركة الوعي. إما أن نثبت لأنفسنا أولاً، وللعالم اجمع، أن لنا حق ونستحق هذا الحق، ونملك جدارة الصراع لأخذ هذا الحق … وإما نعطي الكيان مزيدا من الوقت لتصميم نفسه وتطوير قدراته المادية والمعنوية والسياسية والاقتصادية، هو يسابقنا ونحن لا نلعب في الميدان!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *